كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

الحيض قرءًا، ومنهم من يسمِّي الطهر قرءًا، ومنهم من يجمعهما فيسمِّي الطهر مع الحيض قرءًا (¬1)، غير أنَّ الحيض أولى لكونه لغة النبي -عليه السلام- (¬2)، وإليه ذهب في تفسير (القرء) عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وزيد بن ثابت وأبو الدرداء (¬3) ومعاذ وأبو موسى الأشعري (¬4).
{أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ} من الحيض والحبل، وعارض بين الشرط والخبر {وَبُعُولَتُهُنَّ} والبعل الزوج مثل فحل وفحولة، ويقال للمرأة بعلة والمباعلة المباشرة {أَحَقُّ} أولى {بِرَدِّهِنَّ} في حالة العدة إلى حالة لا
¬__________
(¬1) وقول أبي عمرو بن العلاء هذا تبعه فيه يونس وأبو عبيدة، وقولهم هذا الذي جعلوه من الاشتراك اللفظي وأنه من الأضداد في إطلاق القرْء على الطهر وعلى الحيض. ومن إطلاقه على الطهر قول الأعشى:
أفي كلِّ عامٍ أنتَ جاشِمُ غَزْوَةٍ ... تَشُدُّ لأقصاها عظيمَ عَزَائِكا
مُوَرِّتَةً عِزًا وفي الحَيِّ رفعةً ... لما ضاعَ فيها من قُروءِ نِسَائكا
ومن إطلاق القرء على الحيض قول الشاعر:
يا رُبَّ ذي ضِغْنٍ عليَّ فارضِ ... له قروءٌ كقروءِ الحائضِ
أي: كدم الحائض. وهذا مذهب جمهور أهل اللسان.
[ديوان الأعشى ص 91 - شواهد الكشاف (4/ 470) - الدر المصون (2/ 440)].
(¬2) في "ب": (صلى الله عليه وسلم).
(¬3) عويمر بن زيد بن قيس أبو الدرداء الأنصاري الخزرجي، حكيم هذه الأمة، وهو ممن قرأ على النبي - صلى الله عليه وسلم - وجمع القرآن في حياته. أسلم أبو الدرداء يوم بدر، وشهد أُحد والمشاهد، وقال فيه النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أُحد: "نِعْمَ الفارس عويمر" وقال: "حكيم أمتي عويمر" والحديثان مرسلان. قال أنس - رضي الله عنه -: مات النبي -عليه السلام- ولم يجمع القرآن غير أربعة: أبو الدرداء ومعاذ وزيد بن ثابت وأبو زيد. وأخباره يطول ذكرها، توفي سنة أثنتين وثلاثين هجرية.
[التاريخ الكبير للبخاري (7/ 76)؛ الجرح والتعديل (7/ 26)؛ الاستيعاب (4/ 1646)؛
تاريخ ابن عساكر (13/ 366)؛ أسد الغابة (6/ 97)؛ تاريخ الإسلام (2/ 107)].
(¬4) ذكره القرطبي في تفسيره (4/ 87)، وابن الجوزي في تفسيره (1/ 259) عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي موسى.
وذكر ابن الجوزي أبو الدرداء.
أما زيد بن ثابت وابن عمر فقد ذكرا فيمن يفسر القرء بالطهر، ذكره القرطبي (3/ 113)، وابن الجوزي (1/ 259).
أما معاذ فلم أرَ من ذكره في هؤلاء أو هؤلاء.

الصفحة 396