كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

اللَّهِ هُزُوًا} لا تستحقوا بحرمتها فيهون عليكم محاورتها {نِعْمَتَ اللَّهِ} الإسلام، ويحتمل أنها عامة {يَعِظُكُمْ بِهِ} راجع إلى الحكم المذكور في الآية أو إلى الأمر بالذكر أو إلى ما في قوله: {وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ}.
{وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} نزلت في شأن معقل بن يسار (¬1) المدني كانت أخته جمل بنت يسار تحت رجل من قضاعة اسمه أبو البداح بن عاصم (¬2) فطلَّقها، فلما انقضت عدَّتها هويها وهويته فأرادا أن يتراجعا فمنع معقل فأنزل الله الآية (¬3)، وعن السدي أن جابر بن عبد الله عضل ابنة عم له فأنزل الله الآية (¬4).
وقوله: {فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ} أراد إنقضاء الأجل، ولولا ذلك لكان الزوج يقدر على الرجعة من غير نكاح جديد، والعضل التحريج والتضييق، وكذلك الأمر المعضل، وقال للأزواج: {وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ} وفي الآية دليل على أن لهنَّ أن يتولين عقود نكاحهن، وفي
¬__________
(¬1) هو معقل بن يسار بن عبد الله المزني، يكنى أبا علي، من مشهوري الصحابة، شهد بيعة الرضوان ونزل البصرة وابتنى بها دارًا، وإليه ينسب نهر معقل الذي في البصرة، ومات بها في آخر خلافة معاوية، وقيل: في ولاية يزيد.
[الاستيعاب (3/ 1432)؛ تهذيب التهذيب (10/ 212)؛ الطبقات الكبرى (7/ 14)؛
تهذيب الأسماء (2/ 409)؛ سير أعلام النبلاء (2/ 576)].
(¬2) أبو البداح بن عاصم بن عدي البلوي، حليف للأنصار لا يختلف في صحبة أبيه واختلف في صحبته، والصواب كما قال ابن حجر أنه ولد سنة ست وعشرين، أي بعد وفاة النبي -عليه السلام- بخمس عشرة سنة. وذكر ابن عبد البر أنه توفي عند سبيعة الأسلمية، قال ابن الأثير: وهذا وهم من ابن عبد البر.
[أسد الغابة لابن الأثير (6/ 27)؛ الإصابة (4/ 324)؛ الاستيعاب (4/ 329)].
(¬3) أخرجه البخاري في صحيحه - كتاب التفسير (8/ 192)، والنسائي (6/ 303)، وابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 426)، والدارقطني (3/ 222) وغيرهم عن معقل بن يسار قال: "فيَّ نزلت هذه الآية {وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ...} الآية. قال: كنتُ زوَّجتُ أختًا لي من رجل فطلَّقها حتى إذا انقضت عدَّتها جاء يخطبها فقلت له: زوَّجتك، وأفرشتك، وأكرمتُك فطلَّقتَها ثم جئتَ تخطبها؟! لا والله لا تعود إليها أبدًا؟ قال: وكان الرجل لا بأس به، وكانت المرأة تريد أن ترجع إليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية فقلت: الآن أفعل يا رسول الله، فزوَّجتُها إياه".
(¬4) رواه الطبري (4/ 178) والواحدي في أسباب النزول ص82، وذكره الحافظ ابن حجر في "العجاب" ص 408.

الصفحة 399