كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

تسمية الله إياهم أزواجًا بعد ارتفاع العقد وانقضاء العدة دلالة على بقاء التسمية حقيقة بعد زوال المعنى على سبيل الحكاية.
{إِذَا تَرَاضَوْا} والتراضي تفاعل عند (¬1) الرضا، والتفاعل يكون بين اثنين فصاعدًا {ذَلِكَ} إشارة إلى النهي والكف عن العضل {أَزْكَى} أدخل في باب التزكية، وقيل: أزكى: أطهر لكم، فجمع بين اللفظين تأكيدًا {يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} خبر بمعنى الأمر كقوله: {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} و {يُجَاهِدُونَ (¬2) فِي سَبِيلِ اللَّهِ}.
ثم قال: {يَغْفِرْ لَكُمْ} بالجزم على سبيل الجواب. و (الإرضاع) (¬3) سقي اللبن، والرضيع الذي يتغذَّى باللبن (¬4) بالارتضاع (¬5) لا يتغذى بغيره من صغره حولين كاملين لا ينقص منهما {لِمَنْ (¬6) أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ} يوفي الرضاعة المفروضة، والإتمام لا يدلُّ على منع الزيادة كقوله: {وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي} والرضاع والرضاعة اسم من الإرضاع (¬7) {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ} أي على الأب نفقة الوالدات المرضعات، و (الكسوة) ما يكتسى من اللباس، وهذا يدلُّ أنها نزلت في المطلقات وإلا لكانت النفقة واجبة للنكاح لا للإرضاع.
{لَا تُكَلَّفُ نَفْسٌ إِلَّا وُسْعَهَا} التكلُّف: الأمر بغير المراد، والوسع: الطاقة، وقوله: {لَا تُضَارَّ وَالِدَةٌ بِوَلَدِهَا} يحتمل معنيين، أحدهما: لا تدخل الوالدة ضررًا على أب المولود بمنع الدرِّ عن الولد، والثاني: لا يدخل أب الولد ضررًا على الوالدة بالاسترضاع كرهًا من غير أجرة أو بانتزاعه منها كرهًا.
¬__________
(¬1) في "أ" "ي": (من).
(¬2) في "أ": (وتجاهدون).
(¬3) في الأصل: (الارتضاع).
(¬4) (باللبن) ليست في "ب".
(¬5) في الأصل "ب": (لارتضاع).
(¬6) في الأصل: (من) وفي "ي": (فمن).
(¬7) قوله: {الرَّضَاعَةَ} البصريون يقولون بفتح الراء مع هاء التأنيث وكسرها مع عدم الهاء، والكوفيون يزعمون العكس.
[الدر المصون (2/ 463)].

الصفحة 400