كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

والوجه أنك إذا ابتدأت باسم ثم ذكرت اسمًا مضافًا إلى الأول أو منه بسبب أجزاك أن يبقي الأول وتخبر عن هذا الثاني، قال الأخفش: إنما جاز أن يكون {يَتَرَبَّصْنَ} خبرًا بتقدير ضمير عائد إلى (¬1) المبتدأ تقديره يتربصن (¬2) (من بعدهم والضمير في يتربصن) (¬3) عائد إلى قوله {أَزْوَاجًا}، وقال أبو العباس: تقديره أزواجهم يتربصن، وقال الزجاج (¬4): النون في قوله: {يَتَرَبَّصْنَ} قائمة مقام أزواجهم فكأنه قال: يتربصن أزواجهم، والضمير في يتربصن عائد إلى المقدر دون قوله: {أَزْوَاجًا} إلا أنَّ في هذين نظرًا.
و (التوفي) (¬5) القبض، تقول: توفيت حقي واستوفيت، والمراد: قبض
¬__________
= الوجه الثاني: أن له خبرًا و"يتربَّصْنَ" ولا بد من حذف يصحح وقوع هذه الجملة خبرًا عن الأول لخلوِّها من الرابط، والتقدير: وأزواج الذين يتوفون يتربصنَ، ويدلُّ على هذا المحذوف قوله: {وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا} فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه لتلك الدلالة. الوجه الثالث: أن الخبر أيضًا "يتربصن" ولكن حذف العائد من الكلام للدلالة عليه، والتقدير: يتربصن بعدهم أو بعد موتهم، قاله الأخفش.
الوجه الرابع: أن "يتربصن" خبر لمبتدأ محذوف التقدير: أزواجهم يتربصن، وهذه الجملة خبر عن الأول، قاله المبرد.
الوجه الخامس: أن الخبر محذوف بجملته قبل المبتدأ، والتقدير: فيما يتلى عليكم حكم الذين يتوفون، ويكون قوله "يتربصن" جملة مبنية للحكم ومفسرة له فلا موضع لها من الإعراب، ويُعْزى هذا القول لسيبويه.
[معاني القرآن للفراء (1/ 151) - البحر المحيط (2/ 222) - الكتاب (1/ 152) - المحرر الوجيز (2/ 215) - الدر المصون (2/ 477)].
(¬1) في "أ": (على).
(¬2) قال القرطبي (3/ 174): (وحذف المبتدأ في الكلام كثير؛ كقوله تعالى: {قُلْ أَفَأُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكُمُ النَّارُ} أي: هو النار. وقال أبو علي الفارسي: تقديره: والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجًا يتربصن بعدهم، وهو كقولك: السمن منوان بدرهم، أي: منوان منه بدرهم.
وتقدَّم تفصيل الكلام على هذه الآية والأوجه الخمسة في إعرابها.
(¬3) ما بين (...) ليس في "أ".
(¬4) ذكره الزجاج في معاني القرآن (1/ 351).
(¬5) في "أ": (والتو).

الصفحة 402