كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

وقولك: ما خطبك يا فلان؟ أي ما شأنك وإرادتك؟ فالخطبة من الزوج والاختطاب (¬1) من ولي المرأة والخُطبة من الخطيب في عقد النكاح أو في غيره من المجامع بما يخاطب (¬2) ويسمى التشهد خطبَة الصلاة {أَكْنَنْتُمْ} أضمرتم، و (الكنّ) الستر سرّارنا عن إبراهيم والحسن، وقال الشاعر:
ويحرُم سِرُّ جارتهم عليهم ... ويأكل جارُهم أنْفَ القِصاعِ (¬3)
وقال ابن المسيب (¬4): السِّر أن يواعدها خفية ما لا لئلا تسبقه بنفسها، والقول المعروف ما أبيح على وجه التعريض {وَلَا تَعْزِمُوا} تقصدوا عقدة اسم من العقد، وعقد الشيء ضبطه وإحكامه بنوع تأليف الكتاب {أَجَلَهُ} انتهاء العدة التي أوجبها الله عليها، وخوف الشيء اتقاؤه، وإنما ذكر المغفرة والحلم لئلا يميلهم هذا التحذير عن الاعتدال بين الخوف والرجاء، فالله تعالى رفع الجناح عن شين التعريض والإضمار وحرَّم شيئين: المواعدة سرًا وعزم عقد النكاح، أما التعريض فقد قال ابن عباس: أن يقول بمشهدها (¬5): إني أريد أن أتزوج بزوجة (¬6)، وأما الإضمار أن يخطر بباله أو ينويه من غير عزم صحيح، وأمَّا المواعدة سرًا فقد سبق ذكرها، وأما العزم فهو أن يؤكِّد رأيه عليها ويقصدها من غير تردُّد فيعظم عليه قوتها.
{لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ} قال الكلبي: نزلت في رجل من الأنصار تزوج بامرأة من بني حنيفة ولم يسمِّ لها مهرًا ثم طلَّقها قبل الدخول فقال عليه السلام (¬7): "متِّعها ولو بقلنسوتك" أما إنها لا تساوي شيئأ ولكني أحببتُ
¬__________
(¬1) في "أ": (فالاختطاب).
(¬2) في "أ": (يخا).
(¬3) البيت للحطيئة كما في ديوانه ص 62، وذكره الطبري (4/ 279)، وابن الجوزي في زاد المسير (1/ 277)، والقرطبي في تفسيره (3/ 191) وهي في قصيدة يمدح فيها بني رياح وبني كلب من بني يربوع.
(¬4) رواه الطبري (4/ 270).
(¬5) في الأصل: (المشهدها).
(¬6) البخاري (9/ 178 - الفتح).
(¬7) (السلام) ليست في "ي".

الصفحة 404