كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

أن أحيي السنَّة (¬1)، وللآية معنيان؛ أحدهما: إباحة الطلاق للرجال إن شاؤوا في الحيض والطهر واحدة وأكثر ما داموا قبل المسيس، والثاني: أن يقيم (ما) مقام اللواتي أو مقام حين ولا تجعلها شرطًا لاستدامة الحال. وفائدة الرخصة على هذا القول نفي تحرجهم عن تلك لما يرونه فرارًا من المهر. وألمرأد بالمس المطلق في باب النساء وكذلك اللمس المطلق في بابهن.
{أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ} (أو) بمعنى الواو (¬2) تسمّوا لهنَّ مهرًا صحيحًا ثابتًا غير فاسد ولا مجهول، والمتعة لها أمور بها واجبة مما يصلح لمثلها على مثله يراعي جنبة الرجل بذكر قدره وجنبة المرأة بقوله {بِالْمَعْرُوفِ}، وعن عمر: أدنى ما يجرى في متعة النساء ثلاثون درهمًا (¬3)، وبذلك أمر شريح (¬4)
¬__________
(¬1) ذكره ابن حجر في "العجاب" (1/ 596) قائلًا: وقال مجاهد وذكره. قال محققه في الهامش: رأيت مثله غير منسوب لقائل في تفسير "مقاتل بن سليمان" (1/ 123)، وذكره ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 279) عن مقاتل بن سليمان، وعزاه القرطبي (3/ 202) للثعلبي في تفسيره.
(¬2) قوله: {أَوْ تَفْرِضُوا} فيه أربعة أوجه:
الوجه الأول: أنه مجزوم عطفًا على {تَمَسُّوهُنَّ} فتكون {أَوْ} على بابها، وهو ما ذهب إليه القرطبي وابن عطية.
الوجه الثاني: أنه منصوب بإضمار "أَنْ" عطفًا على مصدر متوهم فتكون "أو" بمعنى "إلا". والتقدير: ما لم تمسوهنَّ إلا أن تفرضوا، وهذا الوجه ذكره الزمخشري في تفسيره.
الوجه الثالث: أنه معطوف على جملة محذوفة، والتقدير: فرضتم أو لم تفرضوا، فيكون هذا من باب حذف الجزم وإبقاء عمله، وهذا الوجه فيه بُعْد.
الوجه الرابع: أن تكون "أو" بمعنى الواو و {تَفْرِضُوا لَهُنَّ} عطفًا على {تَمَسُّوهُنَّ} فهو مجزوم أيضًا، وهذا الوجه الأخير هو الذي مال إليه المؤلف وهو أقربها.
[المحرر الوجيز (2/ 226) - الكشاف (1/ 374) - الدر المصون (2/ 487)].
(¬3) ذكره القرطبي في تفسيره (3/ 201)، وعزاه صاحب الدر (1/ 291) لابن عمر.
(¬4) هو شريح بن الحارث بن قيس بن الجهم الكندي الفقيه أبو أمية، قاضي الكوفة، أسلم في حياة النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يره، فهو تابعىٌّ ثقة، ولي القضاء لعمر وعثمان وعلي ومعاوية ستين سنة إلى أيام الحجاج. توفي سنة سبع وثمانين وقيل غير ذلك وله مائة سنة وقيل مائة وعشرين سنة.
[الاستيعاب (2/ 701)؛ الطبقات الكبرى (6/ 131)؛ تهذيب التهذيب (4/ 287)؛طبقات الحفاظ (1/ 27)؛ سىير أعلام النبلاء (4/ 100)].

الصفحة 405