كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{الْمَلَإِ} الوجوه والأشراف لا واحد له من لفظه، والأملاء (¬1) جمع الجمع، وقيل: الملأ جماعة تمتلي بها الأعين، وسمع النبي - عليه السلام - (¬2) رجلًا يقول يوم بدر: قتلنا عجائِز صلعًا، فقال - عليه السلام - (¬3): "أولئك ملأ من قريش لو حضرت فعالهم احتقرت فعالكم" (¬4) (¬5) وإنما حَسُن دخول (هل) على (عسى) لأنَّ (عسى) (¬6) يشبه (¬7) الأفعال و (ما) للنفي عند المبرد (¬8)، وقوله: {أَلَّا نُقَاتِلَ} في تقدير الابتداء، وقال غيره: (ما) للاستفهام، والعلة في دخول (أن) اعتبار المعنى والمعنى ما يمنعنا أن نقاتل (¬9) وكذلك قوله: {وَمَا لَنَا أَلَّا نَتَوَكَّلَ عَلَى اللَّهِ}.
¬__________
(¬1) في "أ": (والأملان).
(¬2) (السلام) ليست في "ي" وفي "ب": (صلى الله عليه وسلم).
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) ذكره الحكيم الترمذي في "نوادر الأصول" (1/ 333). ويطلق الملأ على حسن الخلق، ومنه الحديث: "أحسنوا الملأَ فكلكم سيروى" أخرجه مسلم، والقرطبي (3/ 243) ويجمع على أملاء، ومنه قول الشاعر:
وقال لها الأملاءُ من كلِّ معشرٍ ... وخير أقاويل الرجال سديدُها
وكما قال المؤلف: هو اسم جمع لا واحد له من لفظه.
(¬5) في الأصل: (احتقرتي فعالهم).
(¬6) (لأن عسى) ليست في "أ".
(¬7) في الأصل "ب ": (تشبيه).
(¬8) مدلول "عسى" إن شاء لأنها للترجي أو للإشفاق، فدخول "هل" عليها لأن الكلام محمول على المعنى. قال الزمخشري: والمعنى: هل قاربتم ألا تقاتلوا أراد أن يقول: عسيتم ألاَّ تقاتلوا، بمعنى أتوقع جبنكم عن القتال، فأدخل "هل" مستفهمًا عما هو متوقع عنده ومظنون، وأراد بالاستفهام التقرير، وهذا القول أقرب ممن قال أنها خبر لا إنشاء. [الكشاف (1/ 308) - الدر المصون (2/ 516)].
(¬9) قوله: {أَلَّا نُقَاتِلَ} فيه ثلاثة أوجه إعرابية:
الوجه الأول: أنها على حذف حرف الجر، والتقدير: وما لنا في ألا نقاتل، أي في ترك القتال، ثم حذفت "في" مع "أَنْ" فجرى فيها الخلاف المشهور بين الخليل وسيبويه أهي في محل جر أم نصب.
الوجه الثاني: وهو مذهب الأخفش، أن "أَنْ" زائدة، ولا يضر عملها مع زيادتها كما لا يضر ذلك مع حروف الجر الزائدة، وعلى هذا فالجملة المنفية بعدها في محل نصب على الحال.=

الصفحة 421