كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

منه، و (الفتنة) الفرقة، قال: {فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ} (¬1) وهو مأخوذ من قولك فاوت رأسه وفايته إذا شققته فانفرف و (الغلبة) العزّ بفتح الغين.
{بَرَزُوا} خرجوا، والمبارز الذي يخرج في وجه خارج غيره للقتال {أَفْرِغْ عَلَيْنَا} أي صبَّه علينا صبًّا يغمرنا كما يغمر الماء الإنسان {وَثَبِّتْ أَقْدَامَنَا} أي: شجِّعنا فلا ننهزم، وتثبيتك الشيء إقامتك إياه، الأقدام جمع قدم وهي مقدم الرجل {فَهَزَمُوهُمْ} كسروهم، وأصل الهزم الكسر (¬2)، وسقاء منهزم أي منكسر بعضه على بعض، ويقول: هزمت البئر والبير الهزيمة التي خسفت حتى فاض ماؤها، ومنه الحديث: "زمزم هَزْمَةُ جبريل" (¬3) أي ضربها برجله، وقصب منهزم منكسر، ثم كسر الجند منهزم وردهم والنيل منهم بالأسر والقتل {مِمَّا يَشَاءُ} والحال يدلُّ عليه.
{وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ} أي ولولا دفع الله بعض الناس ببعض {لَفَسَدَتِ} خربت (¬4) ثم اختلف في كيفيَّة الدفع، قيل: يدفع الكفار بالمؤمنين، وقيل: يدفع الرعاء (¬5) بالملوك، وقيل: يرفع الله البلاء عن البعض ببركة بعضهم كما روي في الحديث: "لولا رجال خشَّع وصبيان رُضَّع وبهائم رُتع لصُبَّ عليكم العذاب صبًّا" (¬6).
¬__________
= أُبَي {وكائن} ومحلها الرفع بالابتداء، و"من فئة" في محل نصب على التمييز لأن
"من" زائدة واْكثر ما يجيء مميزها ومميز {وكائن} مجرورًا بـ"مِنْ".
[البحر المحيط (2/ 267) - الدر المصون (2/ 532)].
(¬1) سورة النساء: 88.
(¬2) ذكره القرطبي (3/ 256).
(¬3) الحديث رواه الدارقطني (2/ 289)، وعبد الرزاق في مصنفه (9124) موقوفًا على مجاهد، والحديث ضعفه الذهبي في "ميزان الاعتدال" (5/ 223).
(¬4) في "أ": (لخربت).
(¬5) في الأصل "أ": (الدعاء).
(¬6) الحديث رواه الطبراني في الكبير (22/ 309)، وفي الأوسط (6539، 7085)، وأبو يعلى في مسنده (6633،6402)، وابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني" (965)، والخطيب في "تاريخ بغداد" (6/ 64)، وابن قانع في معجم الصحابة (675)،=

الصفحة 424