كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

{بِالْحَقِّ} بالصدق، والآية دليل على نبوة نبينا - عليه السلام - لأن الوحي الظاهر لا يكون إلا إلى الأنبياء فأخبر عن رسالته أيضًا لئلا يتوهم سامع الآية نبوة من غير رسالة. {تِلْكَ} إشارة إلى المرسلين {فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ} أفاد العلم بتفاضل الرسل -عليهم السلام- بالخصال الشريفة بعد استوائهم في رتبة الرسالة كتفاضل المؤمنين فيها بعد استوائهم في رتبة الإيمان، وتقدير {كَلَّمَ اللَّهُ} كلَّمه الله والذين كلَّمهم الله مثل آدم وموسى ونبينا عليهم السلام. و {دَرَجَاتٍ} نصب على التفسير (¬1) كقوله: {وَلَلْآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ} (¬2).
وقوله: {هَلْ نُنَبِّئُكُمْ (¬3) بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا} (¬4) والدرجة كالخطوة يقال: جاء على أدراجه، وذهب على أدراجه، ودرج القوم إذا مضوا وانقرضوا، إلَّا أنَّ أكثر استعمالها في المعاني ولذلك تسمى الثنايا الغلاظ مدارج، وتدرج فلان إذا ترقى شيئًا بعد شيء، فإذا الدرجة المرقاة، والمراد ههنا الرفعة بالشأن دون الجثث (¬5)، ومن الذين رفعهم الله درجات آدم بسجود الملائكة وافتتاح النبوة {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ} (¬6) وإدريس برفعته {مَكَانًا عَلِيًّا} (¬7) ونوح
¬__________
= وابن عدي في الكامل (1/ 243؛ 6/ 380)، والبيهقي في السنن (3/ 345)، وفي الشعب (9820) والحديث ضعيف غير ثابت.
(¬1) قوله: {دَرَجَاتٍ} في نصبه ستة أوجه، ذكر المؤلف الوجه الأول منها وهو النصب على التفسير.
والوجه الثاني: أنه مصدر واقع موقع الحال.
والوجه الثالث: أنه حال على حذف مضاف، والتقدير: ذوى درجات.
الوجه الرابع: أنه مفعول ثانٍ لـ"رفع" على أنه ضمن معنى بلَّغ بعضهم درجات.
الوجه الخامس: أنه بدل اشتمال أي: رفع درجاتٍ بعضهم.
الوجه السادس: أنه مصدر على معنى الفعل لا لفظه، لأن الدرجة بمعنى الرفعة، فكأنه قال: ورفع بعضهم رفعات.
[البحر (2/ 273) - الدر المصون (2/ 536)].
(¬2) سورة الإسراء: 21.
(¬3) في "أ" "ي": (أنبئكم) وهو خطأ.
(¬4) سورة الكهف: 103.
(¬5) في "أ": (الخبث).
(¬6) سورة البقرة: 31.
(¬7) سورة مريم: 57.

الصفحة 425