كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

بالنصرة العامَّةِ ونشر ذريته، وإبراهيم بالبركة عليه وعلى آله، وبأن له لسان صدق في الآخرين، وموسى بالكلام والكتاب وابتعاث الأنبياء على شريعته، وعيسى بالآيات والرفع، ونبينا بالدعوة العامة والمعجزة الباقية وبنسخ الشرائع وختم النبوة وبالمعراج الأعلى والشفاعة المدَّخرة صلوات الله على جميع الأنبياء والمرسلين {مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ} ما اختلف الذين وما اشتجروا يدلُّ عليه قوله: {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا} وإنما عبَّر عنه بذلك لأنه قضيته (¬1) وغايته {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا} دليل على أنه لم يشأ اتفاقهم وشاء اختلافهم {وَلَكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ} يدلُّ على أنه شاء كينونة اختلافهم فخلقه فيهم تمكينًا ومدًّا على ما أراد من غير إخبار ليميز الخبيث من الطيب بالحكمة.
{لَا بَيْعٌ فِيهِ} لا دفع بالثمن كما أن الشراء أخذ بالثمن والبيع دفع به {وَلَا خُلَّةٌ} صداقة وهي مصدر الخليل، وعن الحسن (¬2) أن المراد بالنفقة الزكاة (¬3)، وعن ابن جريج (¬4) التطوع وإنما أمر بالمبادرة ليقدموا خيرًا فلا يخسروا يومًا لا بيع فيه فيفتدوا ولا خلَّة فينبسطوا في خير أخلائهم ولا استبداد لِأَحَدٍ في الشفاعة فيشفعوه إلى أن يفدي الله تعالى من شاء من المؤمنين بمن شاء من الكافرين ويزيل الأهوال عن أفئدة المتقين فيعودا متحابين متشفعين بإذنه {وَالْكَافِرُونَ هُمُ الظَّالِمُونَ} بترك المبادرة.
عن أُبي بن كعب أن النبي - عليه السلام - (¬5) سأله: "أي آية في كتاب الله تعالى أعظم؟ " (قال: قلت: الله ورسوله أعلم، قال: "أبا المنذر! أتدري أي آية في كتاب الله تعالى أعظم؟ ") (¬6) قلت: {اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ
¬__________
(¬1) في الأصل: (قضيته).
(¬2) عن الحسن ذكره ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 301)، والقرطبي (3/ 266).
(¬3) في "ب": (الصلاة) وهو خطأ.
(¬4) رواه الطبري في تفسيره (4/ 523)، وعزاه السيوطي في الدر لابن المنذر (1/ 322)،
وذكره القرطبي (3/ 266).
(¬5) (السلام) ليست في "ي" وفي "ب": (صلى الله عليه وسلم).
(¬6) ما بين (...) ليست في "أ".

الصفحة 426