كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

بعضهم وكرسي دون العرش عند الآخرين (¬1) وسمي الكرسي المعهود لاستقلاله بما يوضع عليه أو بمن يجلس عليه.
{وَلَا يَئُودُهُ} أي لا يوقره ولا يكله ولا يعجزه، والكناية راجعة إلى الله تعالى عند بعضهم، والكناية في {حِفْظُهُمَا} عائدة إلى الجنسين السماء والأرض {الْعَلِيُّ} العالي عن مساواة غيره {الْعَظِيمُ} الممتنع بجلاله عن الإحاطة به.
{لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ} عن الحسن وقتادة والضحاك: نزلت في أهل الكتاب والمجوس إذا بدلوا الجزية (¬2)، وعن السدي وابن زيد أنها منسوخة بآيات القتال (¬3)، وعن ابن عباس وسعيد بن جبير: نزلت في أبناء الأنصار كانت في الجاهلية إذا لم يعش لأحدهم الولد دفع ما ولد له من ولد إلى اليهود ليعيش تَيَمُّنًا بأهل الكتاب (¬4) فنشأ كثير من أولادهم فيما بين اليهود متهوِّدين، فلما جاء الله بالإسلام أرادوا أن يخيِّروا أولادهم على الإسلام فنهاهم الله تعالى عن ذلك (¬5)، وقيل: الإكراه إنما يكون قبل الإعجاز وإقامة الحجة، فأما العمل على الحق بعد البيان فلا وإن كان بالسيف
¬__________
= وأثبت أن الكرسي موضع القدمين وقال: هذه الرواية - رواية ابن عباس التي أخرجها الحاكم- اتفق أهل العلم على صحتها والذي روي عن ابن عباس في الكرسي أنه العلم فليس مما يثبته أهل المعرفة بالأخبار.
(¬1) الصحيح -والله أعلم- أن الكرسي هو غير العرش، وهذا الذي ذكره ورجحه ابن كثير في تفسيره (1/ 458)، والقرطبي (3/ 278)، والطحاوي في عقيدته (ص312). وقال ابن كثير: روي عن الحسن البصري أنه كان يقول: الكرسي هو العرش، وهذا لا يصحّ عن الحسن بل الصحيح عنه وعن غيره من الصحابة والتابعين أنه غيره [البداية والنهاية (1/ 13)] أو صحَّ عنه عليه الصلاة والسلام عن أبي ذر الغفاري مرفوعًا: "الكرسي في جنب العرش كحلقة في فلاة" رواه أبو بكر بن مردويه في تفسيره (1/ 23).
(¬2) ذكر عن الثلاثة في أهل الكتاب كما في القرطبي (3/ 280) ولم يذكروا المجوس،
وكذا عند الطبري (4/ 551).
(¬3) ذكره عنهما ابن الجوزي في زاد المسير (1/ 306).
(¬4) في "ب": (من أهل).
(¬5) رواه أبو داود (2682)، والنسائي في تفسيره (68، 69)، وابن حبان (140) وسنده صحيح.

الصفحة 429