كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

يخرجهم بالتوفيق والتأييد دون الإلجاء فلا يستحقون ثوابًا إذا أدّوا الدعوة فيشاركهم غيرهم، وإنما شبَّه الكفر بالظلمات لأنه وإن كان ملَّة واحدة فإنَّ فيه اعتقادات مختلفة، وجعل النور مثلًا للإيمان لأنه اعتقاد واحد، فأما ضلالات أهل البدع في الإيمان فليس بإيمان هان لم يكفروا بها {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ (¬1) الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ} بالتسويل (¬2) والغرور بعد خذلان الله ومشيئته العامة التي هي علَّة الأشياء كلها، ومثل النور الفطرة، إذ كل مولود يولد على الفطرة، وقيل: المراد به بعض من الاعتقادات (¬3)، وقيل: إنه الإيمان فتكون الآية خاصة في المرتدين، وقيل: إنه العقل.
{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ} نزلت في شأن إبراهيم - عليه السلام - ودعوته نمرود إلى الإسلام، والقصة فيه أن نمرود قيل هو فريدون بن كنعان بن حام بن هويجهان (¬4) بن أرفخشد (¬5) علا في (¬6) الأرض بعد الضحاك بن علوان بن عمليق بن عاد واعتقد في النجوم القدرة وتدبير الدنيا، واتَّخذ أصنامًا على أسمائها ثم ادَّعى الربوبية لنفسِهِ على أحد الأوجه الثلاثة، إما على وجه المخاريق واليزنجات، وإما على وجه ما رزق من الغلبة والقهر واستعباد الناس واحتواء الممالك، وإما على وجه رأى لنفسه في قضية أحكام المنجمين من العلو في الأرض، والوجه الأول أظهر لوقاحته وارتكابه بقوله: {أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ} وكان قد اتفق له ظن بخروج (¬7) إبراهيم - عليه السلام - إما من جهة أخبار الأنبياء المتقدمة وإما من جهة الأراهيص والأوهام، وإما من جهة أحكام المنجمين فكاد يقطع النسل
¬__________
(¬1) في الأصل: (أولياء).
(¬2) في "أ": (بالتسوية).
(¬3) في "أ" "ي": (الاعتقاد).
(¬4) في الأصل: (توجمعان) وفي "أ": (يونجهان).
(¬5) اسمه في بعض المصادر (النمرود بن كوش)، وفي بعضها (النمرود بن كنعان)، وفي بعضها (النمرود بن فالج)، وأما بقية الاسم فلم أجده.
(¬6) بدل (علا في) بياض في الأصل.
(¬7) في "أ": (خروج).

الصفحة 431