كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

والاطمئنان هو السكون {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ} قال محمد بن كعب (¬1) وعبد الله بن سلام: أخذ ديكًا وحمامة وطاوسًا وغرابًا (¬2)، وعن ابن عباس بدل الطاوس بطة (¬3)، فقطعهن وخلط بعض أجزائهن ببعض {ثُمَّ اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءًا} وأمسك الرؤوس ففعل ذلك ثم ناداهنَّ فامتازت أعضاء كلٍّ منهن وائتلفت به ثم أتته سعيًا ثم دفع إلى كل شخص رأسه.
و (الصرّ) (¬4) القطع (¬5)، و (الجبل) الطود، وهو واحد الأجبل،
¬__________
(¬1) هو الإمام العلامة أبو حمزة محمد بن كعب بن سليم القرظي المدني، من حلفاء الأوس. كان من عبَّاد المدينة وعلمائهم بالقرآن، ومن أفاضلهم علمًا وفقهًا، ولد سنة أربعين على الصحيح، قال عون بن عبد الله: ما رأيتُ أحدًا أعلم بتأويل القرآن منه، وكان يقص في المسجد فسقط عليه وعلى أصحابه سقف فمات هو وجماعة معه تحت الهدم سنة ثمان عشرة ومائة، وقيل: سنة ثمان ومائة، وقيل غير ذلك.
[تهذيب التهذيب (9/ 373)؛ رجال مسلم (2/ 203)؛ الثقات (1/ 65)؛ سير أعلام النبلاء (5/ 65)].
(¬2) ذكره ابن إسحاق عن بعض أهل العلم فيما رواه الطبري عنه في تفسيره، كما رواه الطبري أيضًا عن مجاهد وابن جريج وابن زيد.
ولكن الأقرب في ذلك ما قاله ابن كثير في تفسيره، قال: اختلف المفسرون في هذه الأربعة ما هي؟ وإن كان لا طائل تحت تعيينها، إذ لو كان في ذلك مهم لنصَّ عليه القرآن.
[الطبري (4/ 634) - ابن كثير (1/ 466)].
(¬3) ذكره ابن أبي حاتم (2704).
(¬4) في الأصل: (الصورة).
(¬5) القراءة المسْهورة هي بضم الصاد {فَصُرْهُنَّ} وهي قراءة نافع وابن كثير وعاصم وأبي عمرو وابن عامر. وهي مأخوذة من قول القائل: صُرْتُ إلى هذا الأمر، إذا ملت إليه. وفي الكلام حذف استغني عنه لدلالة الظاهر عليه، فيكون المعنى: {فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ}، أي: اضممهنَّ إليك، ثم قطِّعْهُنَّ، ثم اجعل على كلِّ جبل منهن جزءًا.
أما من فسَّر "صرهن" بـ: قطعهن وهو تفسير ابن عباس - رضي الله عنهما - فلا يحتاج إلى تقدير، وهذا التفسير معروف في كلام العرب، ومنه قول توبة بن الحُمَيِّر:
فلمَّا جذَبْتُ الحَبْلَ أَطَّتْ نُسُوعُهُ ... بأطرفِ عيدانٍ شديدٍ أُسُورُها
فأَدْنَتْ ليَ الأسبابَ حتى بَلَغْتُهَا ... بنَهْضِي وقد كان ارتقائي يصورها
يصورها، أي: يقطعها.
[تفسير الطبري (4/ 635) - السبعة لابن مجاهد ص 190].

الصفحة 437