كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

والأكل الثمار المأكول له {وَابِلٌ} طش وهو المطر، وإنما قالَ ذلك لأنَّ مثل هذه البقعة قلَّ ما يحط به المطر من وابل أو طل (¬1)، وقولُه: {أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ} الآية مثل كمثل الصفوان وفيه تحذير عن موجبه ونقيضه وهو المنّ والأذى. {نَخِيلٍ} جمع نخلة واحدته نخلة {وَأَعْنَابٍ} جمع عنب، والعنب ما يسمى يابسه زبيبًا، وإنما خصهما لأنهما أعم نفعًا لأنه ينتفع به (¬2) حالة الرطوبة والجفاف والعصر تفكهًا واقتياتًا وتداويًا (¬3) {وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ} الشيخوخة، قال زكريا - عليه السلام -: {وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ} (¬4) {ضُعَفَاءُ} جمع ضعيف كالفقراء والشركاء، والمراد به: النسوان والولدان الذين لا يهتدون بِحِيْلَةٍ ولا كسب {فَأَصَابَهَا} عطف على قوله: {أَنْ تَكُونَ} لأنه بمنزلة لو كانت يقال وددت أن يكون كذا ووددت أن لو كان كذا (الإعصار) من النكبات وفي المثل: إن كنت ريحًا فقد (¬5) لاقيت إعصارا (¬6) يضرب لمن
¬__________
= حيث قال: هي ما انخفض من الأرض وتثلث راؤها ويقال: رابية، ومنه قول زهير:
وغيثٍ من الوسمِيِّ حُوٍّ تِلاعُهُ ... أجابَتْ روابيهِ النِّجَاءَ هواطِلُهْ
وقرأ الأخفش بضم الراء بحجة أنها تجمع على رُبَى ومثله: بُرْمَة وبُرَم، وصُورَة وصُوَر، وقرأ ابن عباس -رضي الله عنهما-: "رِبْوة" بالكسر.
[السبعة ص 190 - الشواذ ص 16 - القرطبي (3/ 316) - البحر (2/ 312)].
(¬1) الوابل: هو المطر الشديد، والطل: المطر الخفيف الذي لا تكاد تسيل منه الجداول الصغيرة، وهذا تفسير قتادة والسدي والضحاك والربيع.
وعن ابن عباس -رضي الله عنهما-: الطل: الندى، رواه عنهم الطبري في تفسيره (4/ 676) وابن أبي حاتم (521)، وفي معنى الوابل يقول امرؤ القيس:
ساعةً ثم انتحاها وابلٌ ... ساقِطُ الأكنافِ واهٍ مُنْهَمِرْ
(¬2) (به) ليست في "أ".
(¬3) في الأصل: (وتناوقًا).
(¬4) سورة آل عمران: 40.
(¬5) في "ب": (فقد).
(¬6) هذا المثل أورده العسكري في كتا به "الأمثال" (1/ 31)، والميداني في الأمثال (1/ 30) وابن سلام في الأمثال (ص 96)، والزمخشري في المستقصى في أمثال العرب (ص 373).
والإعصار: ريح ترتفع كالعمود نحو السماء، وتسميه العرب وسائر الناس زوبعة.
[تهذيب اللغة (2/ 15) - لسان العرب (6/ 254)]

الصفحة 440