كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 1)

الإنفاق على أقاربهم من الكفار ليضطرُّوهم إلى الإسلام (¬1) فأنزل (¬2)، ومعناه لا تسأل عنهم لتؤخذ بضلالتهم {وَمَا تُنْفِقُوا} خاصٌّ في المؤمنين المخلصين، وقيل: هو خبر بمعنى النهي (التوفية) التكملة والقضاء.
{لِلْفُقَرَاءِ الَّذِينَ} نزلت في المستحقين الزكاة وفيها إضمار (¬3) وتقديره: صدقتكم المفروضة للفقراء أو (¬4) ادفعوا إلى الفقراء {أُحْصِرُوا} أشغلوا عِن الكسب بما ألزموا من الهجرة والغزو وأنواع الصدقات {ضَرْبًا فِي الْأَرْضِ} مشيًا وتقلُّبًا {يَحْسَبُهُمُ} يظنُّهم من لا يعلم حالهم {أَغْنِيَاءَ} من سبب تعفُّفهم عن السؤال والإلحاح و {التَّعَفُّفِ} (¬5) التصبر، وقال جرير:
وقائلة ما للفرزدق لا يرى ... عن السرِّ يستغني ولا يتعفَّف (¬6)
و (السيما) علامة الحال تبدو في الوجه كالضيزى والشعرى
¬__________
(¬1) الطبري (5/ 14) عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
(¬2) في "ب": (فنزل).
(¬3) الجار والمجرور في قوله: {لِلْفُقَرَاءِ} إما أن يكون متعلقًا بفعل مقدر يدلُّ عليه سياق الكلام، والتقدير- كما ذكره أبو البقاء-: اعجبوا للفقراء، والأقرب في التقدير: أعطُوا للفقراء، أو اجعلوا للفقراء على تقدير الزمخشري.
وقيل: إن هذا الجار خبر مبتدأ محذوف تقديره: الصدقات التي تنفقونها للفقراء.
وحذف المبتدأ الموصوف سائغ في كلام العرب، ومنه قول الشماخ:
تسألني عن زوجها أيُّ فتى ... خَبٌّ جروزٌ وإذا جاعَ بكى
يريد: هو خب. والجروز: الأكول. والخب: اللئيم.
وقيل: إن اللام تتعلق بقوله: {إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ} وهو مذهب القفال، وهو مستبعد لكثرة الفواصل.
وقيل: إن {لِلْفُقَرَاءِ} بدل من قوله: {فَلِأَنْفُسِكُمْ} ورده الواحدي والسمين الحلبي لأن بدل الشيء من غيره لا يكون إلا والمعنى مشتمل عليه.
[الإملاء (1/ 116) - ديوان الشماخ (ص 107) - الدر المصون (2/ 615)].
(¬4) في الأصل "أ": (وادفعوا).
(¬5) في الأصل بياض.
(¬6) ديوان جرير ص 932.

الصفحة 443