كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

يا مالك الملك وديان العرب (¬1)
والدين الطاعة (¬2) من قولهم: دان فلان لفلان.
وقيل: العادة والسُّنّة، قال الشاعر (¬3):
تقول إذا دَرَأْتُ لها وضيني ... أهذا دِينهُ أَبَدًا ودِيني؟
و {الْإِسْلَامُ} الانقياد لله تعالى في الناسخ من أحكامه والمنسوخ، وفيما قدر من خير وشر وحلو ومر، وترك المنازعة والابتداع، وقد علم أهل الكتاب هذا ثم أبوا قبول الناسخ وابتدعوا في الدين، {فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ} تهديد لمن كفر بآياته.
{وَمَنِ اتَّبَعَنِ} عطف على الضمير في {أَسْلَمْتُ} (¬4)، وإنما كان قوله:
¬__________
(¬1) أما الأثر عن بعض التابعين في علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - أنه ديان هذه الأمة لم أجد له أصلًا في كتب الحديث، وأما قول الأعشى للنبي - صلى الله عليه وسلم -: "يا مالك الملك وديان العرب" كذلك لم أجد له أصلًا، وعلى فرضية صحته فإنه لا يمكن للنبي - صلى الله عليه وسلم - أن يسكت على هذا الوصف الذي وصفه به الأعشى لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - يعلم أنه لا مالك لهذا الملك إلا الله -عزّ وجلّ-، فلا يصدف مثل هذا الوصف إلا على الله -عزّ وجلّ-. لكن ذكره ابن الأثير في النهاية (2/ 148) بلفظ: يا سيد الناس وديان العرب. وبه يزول الإشكال من حيث المعنى، وكذا هو في لسان العرب (4/ 459 - دين).
وأثر بعض التابعين في علي بن أبي طالب ذكره الأزهري في تهذيب اللغة (14/ 185)، وابن الأثير في النهاية (2/ 148).
(¬2) إطلاق الدِّين علي الطاعة معروف في كلام العرب، ومنه قول الشاعر:
ويوم الحزنِ إذْ حَشَدَتْ مَعَدٌّ ... وكان الناس إلا نحنُ دِينا
وقول الأعشى:
هو دانَ الرِّبَابَ إذ كرهوا الديـ ... ـن دِراكًا بغزوةٍ وصيالِ
كرهوا الدين: أي الطاعة.
وقول عمرو بن كلثوم:
وأيامًا لنا غُرًّا طِوَالًا ... عصينا المَلْكَ فيها أَنْ نَدِينَا
[الطبري (5/ 281)؛ ديوان الأعشى ص 11؛ ديوان عمرو بن كلثوم ص 71].
(¬3) البيت للمُثَقِّب العَبْدي يذكر ناقته وهو في ديوانه ص 195. وقد ذكره الأزهري في تهذيب اللغة (14/ 159)؛ ولسان العرب (13/ 169 - دين)؛ ومجمل اللغة (2/ 266).
(¬4) وبه قال الزمخشري وابن عطية، وقيل: إنه مرفوع بالابتداء والخبر محذوف، وقيل: =

الصفحة 471