كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

{أَسْلَمْتُ} جوابًا لهم من أوجه أربعة:
أحدها. أنهم حاجّوه في عبادة المسيح فقالى: بل أسلم وجهي لمن استوجب العقول عبادته ضرورة ولا أعبد غيره اشتباهًا ومنية.
والثاني: أنهم أقروا بوجوب عبادة الله فسلموا له دعواه ثم ادعوا عبادة آخر معه فأجابهم بأنه أخذ المجموع دون المختلف ديه.
والثالث: أنهم الحق في لزوم سير (¬1) معهودة بعضها منسوخ (¬2) وبعضها
بدعة، فقال -عليه السلام-: "بل الحق في الانقياد لله فيما يمحو أو (¬3) يثبت".
والرابع: أنه أعرض (¬4) عن جدالهم وأخبر بما يقطع جدالهم كقول موسى -عليه السلام- حيث قال فرعون: {قَالَ إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ (27) قَالَ رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (28)} [الشعراء: 27، 28].
{أَأَسْلَمْتُمْ} بمعنى الأمر (¬5) كقوله (¬6): {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المائدة: 91]، ومثل: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} (¬7) [هود: 14] و {هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ} [الصّافات: 54]، و {الْبَلَاغُ} اسم من التبليغ كالعذاب والتعذيب والكلام من
¬__________
= إنه منصوب على المعية، والواو بمعنى "مع" أي: أسلمت وجهي لله مع من اتبعني، قاله الزمخشري.
[الكشاف (1/ 419)، المحرر (3/ 43)؛ البحر المحيط (2/ 412)].
(¬1) في "أ": (سيرة).
(¬2) (بعضها منسوخ) ليست في "ب".
(¬3) في "ب" "أ": (و).
(¬4) في "ب" "ي" والأصل: (إعراض).
(¬5) أي أنه استفهام بمعنى الأمر، والتقدير: أسلموا. كقوله تعالى: {فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} [المَائدة: 91] التقدير: انتهوا. فهو بمعنى- كما قال الزمخشري-: أنه قد أتاكم من البينات ما يوجب الإِسلام ويقتضي حصوله لا محالة، فهل أسلمتم بعدُ أم أنتم على كفركم.
[الكشاف (1/ 419)، معاني القرآن للفراء (1/ 252)].
(¬6) في "أ": (كقولهم).
(¬7) (وقيل أنتم مسلمون) بياض في "أ".

الصفحة 472