كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

التكليم، وتبليغ الرسالة أداؤها وإيصالها، وفي قوله: {فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ} تمهيد لعذر النبي -عليه السلام- بعد البلاغ، وفي قوله: {وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} معنى التهديد.
{وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ} عن أبي عبيدة بن الجراح أن بني إسرائيل قتلوا من أول النهار في ساعة واحدة ثلاثة وأربعين نبيًا، فقام إليهم مائة رجل من الصّالحين ينهونهم فقتلوهم أيضًا (¬1). وقد قتلوا زكريا ويحيى عليهما السلام (¬2) وسعوا في قتل المسيح -عليه السلام- (¬3) أبلغ سعي، وسمّوا نبينا -عليه السلام-. والفاء في قوله: {فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ} (¬4) على الجزاء ليضمن الاسم الموصول نوعًا من الشرط.
حبوط عملهم في الدنيا أنه لم يفعلوا حسنًا، وحبوطه في الآخرة بطلان الثواب. {نَاصِرِينَ} من عذاب الله تعالى، وإنّما جمع ناصرين لنظم الآي.
{أَلَمْ تَرَ} استفهام يقتضي ذم المستفهم عنه كما تقول: ألم تر إلى خبث فلان، {نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ} ما بقي من التوراة مصونًا عن التحريف والتبديل بتغيير اللفظ أو التأويل، {إِلَى كِتَابِ اللَّهِ} جميع (¬5) التوراة (¬6)،
¬__________
(¬1) حديث أبي عبيدة بن الجراح أخرجه البزار في مسنده (1285)؛ والطبري في تفسيره (5/ 291)؛ وابن أبي حاتم في تفسيره (2/ 620)؛ والبغوي في تفسيره (2/ 20)؛ ولفظه: قلت: يا رسول الله: أي الناس أشدُّ عذابًا يوم القيامة؟ قال: "رجل قَتَلَ نبيًا أو رجل أمر بالمنكر ونهى عن المعروف" ثم قرأ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ} [آل عِمرَان: 21] ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "يا أبا عبيدة، قَتَلَتْ بنو إسرائيل ثلاثة وأربعين نبيًا من أول النهار، في ساعة واحدة، فقام مائةُ رجل واثنا عشر رجلًا من عُبَّاد بي إسرائيل فأمروا من قتلهم بالمعروف، ونهوهم عن المنكر، فقتلوا جميعًا من آخر النهار في ذلك اليوم، وهم الذين ذكر الله -عزّ وجلّ-".
(¬2) ذكر الطبري في تفسيره أنهم قتلوا زكريا وابنه يحيى عليهما السلام.
[الطبري (5/ 289)].
(¬3) (السلام) من "ب" "أ".
(¬4) (بعذاب) من "أ".
(¬5) في "ب": (جمع).
(¬6) في الأصل و"أ" "ي": (التورية).

الصفحة 473