كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

وقيل: هو القرآن المعجز (¬1)، {لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ} بإسلام إبراهيم، ونعت نبينا -عليه السلام- (¬2)، وآية الرجم وسائر ما خوطبوا به من أمر الدين، وإنما أكّد التولي بالإعراض لأن من المؤتمرين من يتولى عن الأمر وينصرف (¬3) من عنده مقبلًا على الطاعة فنفى هذا الإيهام.
{ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا} تعليل لجرأتهم بقولهم الذي اختلفوا فيه ثم اعتقدوه، {وَغَرَّهُمْ} خدعهم، و {مَا} في محل رفع (¬4) لإسناد الغرور إليه مجازًا (¬5).
{فَكَيْفَ} في هذا الموضع لتفخيم الأمر وتهويله، والمستفهم عنه مضمر تقديره: كيف يصنعون أو كيف يحتالون أو كيف يعتذرون.
{قُلِ اللَّهُمَّ} قيل أن رسول الله (¬6) أخبر أصحابه يوم الخندق بفتح فارس وملك الروم، فقال بعض المنافقين: هذا الرجل ليس يأمن في (¬7)
¬__________
(¬1) الذي يظهر أن المراد بكتاب الله في هذه الآية هو التوراة، والذي يدل على ذلك سبب النزول، فقد أخرج الطبري في تفسيره بسند حسن (5/ 293) والواحدي في أسباب النزول ص 70؛ والبغوي في تفسيره (2/ 21)؛ وذكره الزيلعي في تخريج الكشاف (1/ 179) عن ابن عباس قال: دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيت المِدْرَاس على جماعة من يهود فدعاهم إلى الله، فقال له نعيم بن عمرو والحارث بن زيد: على أي دين أنت يا محمَّد؟ فقال: "على ملة إبراهيم ودينه". فقالا: فإن إبراهيم كان يهوديًا. فقال لهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "فهلمُّوا إلى التوراة، فهي بيننا وبينكم" فأبيا عليه، فأنزل الله -عزّ وجلّ-: {أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ...} [آل عِمرَان: 23] وهذا الذي رجحه ابن جرير في تفسيره.
(¬2) (السلام) ليست في "ي".
(¬3) في "ي" "ب": (فينصرف).
(¬4) في "ي" "أ": (الرفع).
(¬5) يجوز أن تكون "ما" مصدرية أو موصولة بمعنى "الذي"، والعائد محذوف. والتقدير: الذي كانوا يفترونه.
(¬6) في "ي": (قيل أن الله ...) وهو خطأ.
(¬7) (في) من "ي" "ب".

الصفحة 474