كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

دعا بهذا الاسم فقد دعا الله بجميع أسمائه (¬1)، {مَالِكَ الْمُلْكِ} الذي يكون له المملكة وملك اليمين، {تُؤْتِي الْمُلْكَ} أي: البسطة والسلطان، {وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ} تجذبه وتسلبه، {وَتُعِزُّ} تجعله عزيزًا من أي وجه كان دنياويًا كان أو عقباويًا، {وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ} تجعله ذليلًا من أي وجه كان، {بِيَدِكَ الْخَيْرُ} أي: تحت يدك وسلطانك وتصرفك وإحداثك، وإنما خص الخير دون الشر لمعنيين:
أحدهما: أن الله يوسف بأنه رب محمَّد ورب إبراهيم ولا يحسن أن يوسف برب الكلب والخنزير إلا عند العموم.
والثاني: أن كل فعل لا يقع منه إلا حميدًا فيه نوع مصلحة عاجلًا أو (¬2) آجلًا، والذم ينصرف إلى المكتسبين للأفعال (¬3).
{تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ} الإيلاج: الإدخال، فالله تعالى يدخل بعض ساعات الليل في النهار إذا قدر طلوع الشمس بالصيف في البروج
¬__________
(¬1) ورد في هذه الآية عنه عليه الصلاة والسلام فيما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - مرفوعًا، قال عليه الصلاة والسلام: "اسم الله الأعظم الذي إذا دُعي به أجاب في هذه الآية" ثم قرأ: {قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ ...} [آل عِمرَان: 26] الآية. أخرجه الطبراني في الكبير (12792) بسند ضعيف، وله شاهد عند ابن ماجه (3856)، والطحاوي في مشكل الآثار (1/ 63)، والفريابي في فضائل القرآن (184/ 1)، وغيرهم. وصححه العلامة الألباني رحمه الله في السلسلة الصحيحة (ح 746/ص382).
(¬2) في "ي": (أو)، وفي البقية: (و).
(¬3) الاقتصار على الخير دون ذكر الشر وارد استعماله في الكلام العربي، ومنه قوله تعالى: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ} [النحل: 81] أي: والبرد.
ومنه قول الشاعر [ينسب لامرىء القيس]:
كأنَّ الحصى من خلفها وأمامها ... إذا نجلته رِجْلُهَا حذفُ أَعْسَرَا
أي: رجلُها ويدُها. وقول الفرزدق:
تَنْفي يداها الحصى في كلِّ هاجرةٍ ... نفي الدراهيمِ تنقادُ الصَّيَارِيفِ
أي: يداها ورجلاها.
وقيل: خُصَّ الخير هنا لأن المقام مقام ترجي الخير من الله.
[التحرير والتنوير (3/ 214)؛ ديوان امرئ القيس ص 64؛ ديوان الفرزدق ص 570؛ الكتاب (1/ 10)].

الصفحة 476