كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

وأخذ مسيلمة (¬1) الكذاب رجلين من المسلمين فقال لأحدهما: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم. [قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: نعم. فخلى سبيله، وقال للآخر: أتشهد أن محمدًا رسول الله؟ قال: نعم] (¬2). قال: أتشهد أني رسول الله؟ قال: إني أصمّ، فكرر عليه قوله مرارًا والرجل يقول قوله، فأمر بضرب عنقه، ولما سمع ذلك رسول الله -عليه السلام- (¬3)، قال: "أما الأول، فقبل رخصة الله تعالى، وأما الآخر فمضى على صدقه ويقينه وأخذ بفضيلة فهنيئًا له" (¬4). والاختيار الثبات لأنه من عزائم الأنبياء لم يكن له رخصة في التقية قط والأخذ به أولى، {وَيُحَذِّرُكُمُ} ينذركم ويأمركم أن تتقوا مقته وسخطه.
{يَوْمَ تَجِدُ} "يوم" نصب على الظرف لأحد الأشياء الأربعة:
أحدها: الخبر الذي في ليس (¬5).
¬__________
(¬1) في جميع النسخ: (مسلمة) وهو خطأ، والمثبت من "أ".
(¬2) ما بين [...]، ليست في "أ".
(¬3) المثبت من "ب"، وفي الأصل و"أ": (رسول الله -عليه السلام-)، وفي "ي": (رسول الله عليه).
(¬4) لم أعثر على هذه القصة في كتب التفسير التي بين يدي، والمعروف في سبب نزول آية "البقرة" وآية "النحل" {إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ} [النّحل: 106] أنهما نزلتا في عمار بن ياسر وقوم كانوا أسلموا ففتنهم المشركون عن دينهم فثبت على الإِسلام بعضهم، وافتتن البعض الآخر، فروى أبو عبيدة بن محمَّد بن عمار بن ياسر، قال: أخذ المشركون عمار بن ياسر، فعذبوه حتى جاراهم في بعض ما أرادوا، فشكا ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "كيف تجد قلبك؟ " قال: مطمئنًا بالإيمان. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فإن عادوا فَعُد".
[أخرجه الطبري في تفسيره (5/ 374) وعبد الرزاق في تفسيره (1/ 360)؛ وابن سعد في الطبقات (3/ 249)؛ والحاكم في المستدرك (2/ 357). وقال الحافظ في الفتح: مرسل رجاله ثقات، وله طريق عند البيهقي في السنن (8/ 208)، وهو مرسل أيضًا].
(¬5) وهذا بعيد جدًا أن ينتصب بالخبر الذي في ليس لأن واو النسق لا يعمل ما بعدها فيما قبلها - قاله ابن الأنباري- كما أن ما بين الظرف وناصبه معترضًا وهو كلام طويل والفصل بمثله مستبعد.
[الدر المصون (3/ 114)].

الصفحة 478