كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

{إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ} يحتمل أن يكون إخبارًا من قول مريم ويحتمل أن يكون كلامًا مستأنفًا.
{هُنَالِكَ} من الأسماء المشار بها إلى الظروف، فهنا أقرب وهناك بعده وهنالك أبعد منه كذا وذاك وذلك، وحقيقتها للأماكن وقد تستعمل في الأزمنة لإيهامها. {دَعَا} لما شاهد كرامة مريم ازداد رجاء أن يرزقه الله ولدًا حالة الشيخوخة وإن كان مخالفًا للعادة، {طَيِّبَةً} اعتبار اللفظ أُنّث النعت وذكر الفعل اعتبارًا بالمعنى.
{فَنَادَتْهُ} قيل: ملك من {الْمَلَائِكَةُ}، وقيل: ناداه جبريل ذكره بلفظ الجمع تشريفًا له (¬1)، (يحيى) اسم لا ينصرف للعلمية أو للمضارعة مع التعريف (¬2)، {مُصَدِّقًا} نصب على القطع أو الحال بكلمة عيسى -عليه السلام- (¬3) أو الإنجيل أو وحي [اختص يحيى -عليه السلام- بتصديقه من قبل أبيه أو من قبل نفسه، {وَسَيِّدًا} إمامًا ورئيسًا، {وَحَصُورًا} لا يشتهي النكاح عن ابن مسعود (¬4)، وذلك لغلبة حالة الخوف عليه، والأنبياء من كان يخشع مرة] (¬5) ويبتهج أخرى، {وَنَبِيًّا} من الأنبياء، وقيل: على التقديم والتأخير: وحصورًا من الصالحين ونبيًّا، إلا أنه قدم وأخر النظم.
¬__________
(¬1) ويشهد لذلك قراءة ابن مسعود - رضي الله عنه -: {فناداهُ جبريل وهو قائم يصلي في المحراب} وكما ذكر المؤلف أنه جائز أن تخبر بالجمع وتريد به الإفراد للتشريف أو لغرض آخر، ومنه قوله تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} [آل عِمرَان: 173]، والقائل هو واحد، وهو نعيم بن مسعود.
(¬2) قوله للمضارعة: أي وزن الفعل. فـ"يحيى" ممنوعة من الصرف للعلمية ووزن الفعل، وهذا ما قاله الزجاج وغيره، وقيل: إنه اسم أعجمي لا اشتقاق له، فيكون منعه من الصرف للعلمية والعجمى، وعلى كلا القولين يجمع على يَحْيَوْن بحذف الألف. [البحر (2/ 433)؛ شرح الكافية الشافية لابن مالك (4/ 180)].
(¬3) (السلام) ليست في "ي".
(¬4) أخرجه الطبري (5/ 377)؛ والبيهقي في سننه (7/ 83)؛ وابن عساكر في تاريخه (4/ 175)].
(¬5) ما بين [...]، من "ب" "ي" "أ"، وأما في الأصل فكتب: (اختصت يحيى -عليه السلام- وكان غيرهما يتقلب في حالة الخوف والرجاء يخشع مرة).

الصفحة 483