كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

الْعَالَمِينَ} عالمي زمانهم، ومعنى التطهير: من العيوب والذنوب، وقيل: من الحيض والأدناس، وقيل: من مسيس الرجال (¬1)، وتقديم السجود لا يوجب تقديمه على الركوع لأن الواو للجمع والاشتراك دون الترتيب لأن الواو في الاسمين المختلفين كالنسبة في المتفقين وإنما بدىء في الصفا لقوله: "ابدأوا بما بدأ الله" (¬2) ذلك إشارة إلى البناء المذكور.
والهاء في {نُوحِيهِ} عائدة إليه، و (الوحي) إعلام في السر، والخطاب يوجب العلم ضرورة {يُلْقُونَ} الإلقاء الطرح والإيقاع، (القلم) القدح سمي به لأنه يبرى، ومنه سمي السهم قلمًا، وقلم الكاتب قلمًا، ومنه (¬3) تقليم الأظفار، والقصة في ذلك أنّ عباد مسجد بيت المقدس وأحباره تنازعوا في كفالله مريم وضربوا بالقداح فخرج سهم زكريا -عليه السلام- (¬4)، وقيل: كانت لهم أقلام من الحديد يكتبون بها وحي الله تعالى فألقوها في الماء فطفا قلم زكريا ورسب سائر الأقلام (¬5)، وإنما جعل الله هذا الخبر إعجازًا لنبينا -عليه السلام- (¬6)؛ لأنَّ هذا النوع من العلم لا يستفاد إلا بالقراءة والكتابة أو بمجالسة أهل العلم أو بوحي من عند الله، وقد عدم منه الوجهان الأولان، فتعين الثالث.
¬__________
= عيسى من غير أب ولم يكن ذلك لأحد من النساء. اهـ. ولذا قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه علي بن أبي طالب - رضي الله عنه - مرفوعًا: "خير نساء الجنة مريم بنت عمران".
[أخرجه البخاري (3432)؛ ومسلم (2430)؛ والترمذي (3877) وغيرهم].
[تفسير الطبري (5/ 393)؛ الكشاف (1/ 429)].
(¬1) في الأصل: (الرجل).
(¬2) رواه مسلم (1218) عن جابر.
(¬3) في "ب": (ومنهم).
(¬4) روي ذلك عن ابن عباس وقتادة، وفيه: وكان زكريا زوج أختها فكفلها زكريا.
[أخرجه الطبري (5/ 454)؛ وابن أبي حاتم (2/ 650)].
(¬5) الذي يظهر أن الأقلام كانت من الخشب وليست من الحديد، وهو الذي تدل عليه رواية الربيع بن أنس، ولم أجد أحدًا ذكر أن عصيَّهم كانت من الحديد.
[الطبري (5/ 348)؛ ابن أبي حاتم (2/ 650)].
(¬6) (السلام) ليست في "ي".

الصفحة 485