كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

وكني أنس أبا حمزة لأنه كان يجتنى بقلة فسمى (¬1) حمزة، ويقال للأرض: أم لأنها مبتدأ الخلق، وقوله: {فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ (9)} [القارعة: 9] أي: مآله، ويقال: ابن كذا، أي: مبلغ زمان بقائه فسمي ابنًا من غير ولادة.
{فَلَمَّا أَحَسَّ} الإحساس من النفس كالعقل من الروح، وهو مستعمل في معنى الرؤية والسمع والعلم (¬2)، قوله: {هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ} [مريم: 98]، وقوله: {لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا} [الأنبياء: 102]، وقال - صلى الله عليه وسلم - (¬3) لرجل: "متى أحسست أم ملدم؟ "، يعني: الحمى (¬4).
وقوله: {مَنْ أَنْصَارِي} على وجه الحث والإغراء {إِلَى اللَّهِ} كقوله: {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ}؟، ويقال (¬5): (الذود إلى الذود إبل)، وقيل: {مَنْ أَنْصَارِي} في السبيل، أي: مرضاته. وقيل: من أنصاري إلى الله، كقوله: {قُلْ هَلْ مِنْ شُرَكَائِكُمْ مَنْ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ} [يونس: 35] (¬6).
¬__________
(¬1) في الأصل: (نقله تسرى) ولا معنى له.
(¬2) من فَسَّر الإحساس في هذه الآية بالوجد كابن جرير في تفسيره، وغيره لا ينافي ما ذكره المؤلف لأنهما بمعنى واحد، وقد يطلق "الحِسّ" على العطف والرقة، ومنه قول الكميت:
هل مَنْ بكى الدارَ راجٍ أَنْ تَحِسَّ له ... أو يُبْكِيَ الدَّارَ ماءُ العَبْرَةِ الخَضِلُ
ويكون الإحساس بالإدراك ببعض الحواس الخمس وهي: الذوق والشم واللمس والسمع والبصر.
وقال الفراء: إذا قلت: حَسَسْت، بغير ألف فهي في معنى الإفناء والقتل، ومنه قوله تعالى: {إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ} [آل عِمرَان: 152].
[تفسير الطبري (5/ 435)؛ معاني القرآن للفراء (1/ 216)؛ شعر الكميت بن زيد الأسدي (2/ 12)].
(¬3) في الأصل و"أ": (-عليه السلام-)، وفي "ي": (عليه)، والمثبت من "ب".
(¬4) رواه الإمام أحمد (2/ 366)؛ وأبو يعلى في المسند (6556)، والحديث ضعيف من هذا الوجه.
(¬5) (ويقال) ليست في الأصل.
(¬6) أي أن "إلى" بمعنى اللام كما يدلُّ عليه ظاهر الآية، ولذا قدر أبو علي الفارسي قوله تعالى: {يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ} [يُونس: 35] أي: للحق.

الصفحة 489