كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

{الْحَوَارِيُّونَ} قال ابن عباس: سموا بذلك لبياض ثيابهم (¬1)، وكانوا يصطادون السمك، وكان أفضلهم شمعون الصفا، فقال لهم: تصحبونني فتصطادوا الناس فآمنوا به. وعن الضحاك أنهم كانوا قَصَّارين محوَّري الثياب (¬2)، وعن عطاء أن مريم أسلمته إلى كبير القصّارين ليتعلم الحرفة، فتعلم عنده أيامًا، ثم عرض لهذا (¬3) الأستاذ بسفر مدة عشرة أيام فدفع أثوبة (¬4) الناس إلى عيسى -عليه السلام-، وأمره بأن يصنع كل ثوب منها بلون آخر وأن يغسل بعضها فجعل جميعها في جبّ واحد. قال لها: تكوني (¬5) بإذن الله كما أريد، فلما رجع الأستاذ طالبه بالأثوبة، فأشار إلى جب واحد ففزع الأستاذ وضاق ذرعًا، وقال: أيها الصبي أفسدت أثوبة الناس، قال -عليه السلام- (¬6): قم وانظر، فجعل الأستاذ يخرج الأثوبة بعضها مغسولًا وبعضها مصبوغًا بألوان مختلفة من صبغ واحد، فعلم أنه من فعل الله فآمن هو وأصحابه بعيسى -عليه السلام- (¬7)، فهم الحواريون، [ثم لقب هذا اللقب كل ناصر لنبي، حتى قال النبي -عليه السلام- (¬8): "لكل نبي حواري وحواري طلبة والزبير (¬9) "] (¬10)، وقيل: الحواري المتجرد
¬__________
= وذهب سفيان الثوري وغيره إلى أن "إلى" بمعنى مع. أي: من أنصاري مع الله. وردّه الزجاج وقال: ليس بشيء لأن "إلى" للغاية و"مع" تضم الشيء إلى الشيء.
[معاني القرآن للزجاج (1/ 416)؛ تفسير ابن كثير (1/ 449)؛ الدر المصون (3/ 208)].
(¬1) علَّقه البخاري ووصله ابن جرير (3/ 287)؛ وابن أبي حاتم (3568). ورواه الطبري (5/ 442) عن سعيد بن جبير.
(¬2) رواه ابن أبي حاتم (3569). والحَوَر عند العرب شدة البياض، ومنه قيل للرجل الشديد البياض مقلة العينين: أحور، وللمرأة: حوراء.
(¬3) في الأصل: (لهذا).
(¬4) في الأصل و"أ": (لثوبة).
(¬5) في الأصل: (كوني).
(¬6) (السلام) ليست في "ي".
(¬7) (السلام) ليست في "ي".
(¬8) (السلام) ليست في "ي".
(¬9) صحَّ عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لكلِّ نبيٍّ حواريَّ، وحواريَّ الزبير" أخرجه البخاري (2847)، ومسلم (2415) من حديث جابر بن عبد الله - رضي الله عنه -، وليس فيه ذكر طلحة كما ذكر المؤلف.
(¬10) ما بين [...]، ليست في الأصل.

الصفحة 490