كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

إذا كان مع العدو من غير غدر وخيانة، فالله متصف به خير الماكرين (¬1).
{إِنِّي مُتَوَفِّيكَ} قيل: أمات الله عيسى ثلاث ساعات (¬2) ثم أحياه ورفعه من غير صلب ولا قتل وأُلقي (¬3) مثاله على غيره (¬4)، وقيل: متوفيك: قابضك، وقال الفراء: في الآية تقديم وتأخير وتقديرها: إني رافعك ومطهرك من الذين كفروا (¬5)، أي: في الحال، ومتوفيك: أي (¬6) بعد الزوال، وقال السدي (¬7): المصلوب رئيس من رؤساء اليهود دخل ليخرج عيسى -عليه السلام- (¬8) من بيته فألقى الله مثاله عليه ورفعه -عليه السلام- (8)، وقيل: المصلوب هو الموكل الذي كان عليه رقيبًا، وقيل: المصلوب الذي ارتدّ من الحواريين وشقي بعيسى -عليه السلام- ودلّ اليهود عليه، وقيل: إنّه أخبر برفعه فاتخذ ضيافة لأصحابه وأطعمهم ثم أتى بماء فتطهروا به، ثم طلب منهم أن يسألوا الله تعالى تبقيته فيما بينهم وخرج من عندهم ثم اطلع عليهم فوجدهم هجوعًا فأعاد الماء إليهم وأيقظهم، وطلب منهم أن يتطهروا ثانيًا
¬__________
(¬1) ذكر الشنقيطي في تفسيره "أضواء البيان" (1/ 342) أن الله لم يبين في هذه الآية مكر اليهود بعيسى ولا مكر الله باليهود، ولكنه بين في موضع آخر أن مكرهم به محاولتهم قتله، وذلك في قوله: {وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ} [النِّساء: 157] وبيَّن أن مكر الله بهم إلقاؤه الشبه على غير عيسى وإنجاؤه عيسى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وذلك في قوله: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ} [النساء: 157]، وقوله: {وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا (157) بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ} [النساء: 158،157]. وصفة المكر لا تثبت إلى الله إلا مضافة، فلا يوصف الله -عَزَّ وَجَلَّ- بالماكر لأنها صفة ذميمة يتنزه عنها المخلوق فضلًا عن الخالق، ولكن يوصف الله -عَزَّ وَجَلَّ- بها مضافة فيقال: ماكر بالكافرين.
(¬2) في "ب": (مرات) بدل (ساعات).
(¬3) في "ب": (وألقى الله).
(¬4) روي ذلك عن وهب بن منبّه اليماني. أخرجه الطبري في تفسيره (5/ 450) وسنده ضعيف.
(¬5) معاني القرآن للفراء (1/ 219).
(¬6) في "ب": (إلي).
(¬7) أخرجه الطبري في تفسيره (7/ 654) عند قوله تعالى: {وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ ...} [النساء: 157] وأخرجه البغوي في تفسيره (2/ 45).
(¬8) (السلام) ليست في "ي".

الصفحة 492