كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

غيروا وبدلوا أن جعلنا آلهًا، ومحاجتهم المشركين بعد التحريف بما لم يحرفوا ولم يبدلوا، ومحاجتهم عامة المشركين فيما لم ينزل الله في القرآن من الشرائع التي بعثت غير منسوخة (¬1).
{أَوْلَى (¬2) النَّاسِ} أقربهم (¬3) به، {لَلَّذِينَ اتَّبَعُوهُ} في عصره لأنهم كانوا أمته، وهذا النبي -عليه السلام- (¬4)؛ لأنه كان دعوته والمصلي إلى قبلته والآخذ في الحج بسنته (¬5). {وَالَّذِينَ آمَنُوا} لموافقتهم (¬6) إياه بالإيمان والاستسلام لأمر الله طائعين وهم الأنبياء -عليهم السلام - كلهم وكل عبد مؤمن في السماء والأرض.
{وَدَّتْ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} نزلت في مثل ما نزل قوله تعالى: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ} (¬7) و (الإضلال) ها هنا بالخدع.
{وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} بأن الله قادر على ما يشاء ولا ينبئكم بمثل هذه الآيات أو تشهدون بخروج النبي -عليه السلام- (4) وتشاهدون الآيات وقت بدوها.
¬__________
(¬1) الأظهر في معنى الآية أن محاجَّتهم فيما لهم به علم من أمر دينهم الذي وجدوه في كتبهم مما أتت به رسلهم. وأما محاجتهم فيما ليس لهم به علم أي فيما لا علم لهم به من أمر إبراهيم ودينه ولم يجدوه في كتب الله ولا أتت به أنبياء الله، وهذا اختيار ابن جرير الطبري في تفسيره (5/ 484).
(¬2) في الأصل: (أو إلى).
(¬3) في الأصل: (أقربها).
(¬4) (السلام) ليست في "ي".
(¬5) (بسنته) ليست في "أ".
(¬6) في الأصل: (لوافقتم).
(¬7) وسبب النزول هو ما رواه ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: نزلت في نفر من اليهود، قالوا للمسلمين بعد وقعة أُحُد: ألم تروا إلى ما اْصابكم؟ لو كنتم على الحق ما هزمتم، فارجعوا إلى ديننا فهو خير لكم. قال الحافظ ابن حجر: هذا لعله من تفسير الكلبي، والذي ذكره ابن إسحاق أقوى سندًا منه. ولفظه عن ابن عباس - رضي الله عنهما - قال: كان حُيَي بن أخطب وأبو ياسر بن أخطب من أشد اليهود للعرب حسدًا إذ خَصَّهم الله تعالى برسوله، وكانا جاهدين في ردِّ الناس عن الإسلام ما استطاعا، فأنزل الله هذه الآية: {وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ ...} [البقرة: 109].
[أسباب النزول للواحدي ص 35؛ العجاب في بيان الأسباب لابن حجر ص 169].

الصفحة 498