كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

يخصهم بالخطاب، {وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ} لا يقبل إليهم بالرحمة، بل يخذلهم و (¬1) يعرض عنهم بلا كيفية.
{وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا} نزلت في اليهود حيث قدروا ما شاؤوا في التنزيل مضمرًا متأولين، ثم أظهروه وتلفظوا به وزعموا أنه من التنزيل أيضًا (¬2) وكذلك فعلت النصارى، و (الليّ): التحريف (¬3)، وتلوَّت الحية إذا تثنت، ولؤى الغريم ليًا إذا ماطل وأخلف الموعد (¬4)، (الألسنة) جمع لسان وهو آلة النطق.
{مَا كَانَ لِبَشَرٍ} نزلت في وفد نجران وأحبار المدينة حيث تناظروا ثم أقبلوا على النبي - صلى الله عليه وسلم - (¬5) فقالت اليهود: ما تريد منا إلا ما أراد عيسى من هؤلاء فاتخذوه ربًا، وقالت النصارى: ما تريد منّا إلا أن نتخذك ربًا كما اتخذ هؤلاء عزيرًا، ربًا فكذّب الله الطائفتين وأنزل {مَا كَانَ لِبَشَرٍ} (¬6) وسعًا أو حكمًا، ويقول: نصب عطف على {أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ} (¬7)، {تُعَلِّمُونَ} من
¬__________
(¬1) في "ب": (أو).
(¬2) رواه الطبري (5/ 522) عن ابن عباس وقتادة.
(¬3) في النسخ (في التحريف)، والمثبت من "ي".
(¬4) أصلُ اللَّيِّ: الفتل والقلب من قول القائل: لوى فلان يدَ فلان إذا فتلها وقلبَها، ومنه قول الشاعر [وينسب لفرعان بن الأعرف أبو منازل]: تَغَمَّدَ حقي ظالمًا، ولوى يدي ... لوى يَدَهُ الله الذي هُوَ غَالِبُهْ ثم استعمل في الرأس فقالوا: لوى رأسه أي أمال وأعرض، ومنه قوله تعالى: {لَوَّوْا رُءُوسَهُمْ} [المنافقون: 5]، ثم استعمل في اللسان كما في هذه الآية: {وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقًا يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتَابِ} [آل عمران: 78] أي يحرفونها ويزيدون، هكذا رواه البخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما-.
[المحكم (10/ 453)؛ اللسان (لوي 12/ 370)؛ الطبري (5/ 522)؛ ابن كثير (1/ 462)].
(¬5) (السلام) ليست في "ي".
(¬6) أخرجه ابن هشام في السيرة (3/ 91)؛ وابن جرير (5/ 524)؛ وابن أبي حاتم (3756)؛ وابن المنذر (2/ 46/ در)؛ والبيهقي في الدلائل.
(¬7) وقرأ ابن كثير في رواية شبل بن عباد وأبو عمرو في رواية محبوب (يقولُ) بالرفع، وخرجوها على القطع والاستئناف، لكن القراءة المشهورة هي النصب. [البحر (2/ 506)؛ المحرر (3/ 137)].

الصفحة 502