كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

إسرائيل (¬1) لا محالة. {حَنِيفًا} نصب على القطع (¬2)، {وَمَا كَانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} ثناء عليه.
واتصال قوله: {إِنَّ أَوَّلَ بَيْتٍ} بما قبلها من حيث اتباع ملة إبراهيم، {وُضِعَ لِلنَّاسِ} ضرب متعبدًا لهم، مكة هي (¬3) الكعبة، و (بكة) هي مكة لأن الباء قريبة من الميم في المخرج، يقال: سبَد وسمد، وقيل: لأن الناس يتباكون يتراحمون فيها أيام الموسم، ويقال: بكة كأنها تبكُّ أعناق الجبابرة لاتضاعهم فيها (¬4) (¬5)، و (المبارك) الذي بورك فيه أو عليه، وضده المشؤوم. {وَهُدًى} سببًا من أسباب الهدى فبقعة الكعبة مُتَخَيَّم آدم، فيما يروى أن الله تعالى أنزل عليه خيمة من خيام الجنة ليطوف حولها كما (¬6) (يطوف الملائكة (¬7) حول البيت (¬8) المعمور في السماء الرابعة وقد) (¬9) طاف حولها (¬10) سفينة
¬__________
(¬1) في "ب": (إبراهيم)، وهو خطأ.
(¬2) تقدم الكلام على قوله "حنيفا" والأوجه الإعرابية فيه في سورة "البقرة" في قوله تعالى: {وَقَالُوا كُونُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى تَهْتَدُوا قُلْ بَلْ مِلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا} [البقرة: 135].
(¬3) في النسخ: (ببكة بني)، وهو خطأ.
(¬4) ذكره ابن جرير في تفسيره وابن سيده في المحكم، وأنشد قول الراجز [وهو منسوب لعامان بن كعب]:
إذا الشريبُ أخذتْهُ أكَّهْ ... فَخَلِّهِ حتى يَبُكَّ بَكَّهْ
وأما قول الجرجاني أن مكة هي الكعبة وبكة هي مكة، فهذا عكس ما ذكره عامة أهل اللغة ومنهم الزجاج - نقله عنه الأزهري في تهذيب اللغة - أن بكة موضع البيت وسائر ما حوله مكة. والإجماع أن مكة وبكة الموضع الذي يحجُّ الناس إليه وهي البلدة. والذي يظهر أن بكة موضع مزدحم الناس للطواف، وهو الذي رجحه ابن جرير ورواه عن أبي مالك الغفاري ومجاهد وقتادة وغيرهم.
[ابن جرير (5/ 594)؛ المحكم لابن سيده (6/ 670)؛ تهذيب اللغة (9/ 461)؛ جمهرة اللغة ص 58].
(¬5) في "أ": (لاتضاعهم فيه).
(¬6) (كما) ليست في "أ".
(¬7) (الملائكة) ليست في "ب".
(¬8) في "ي": (بيت).
(¬9) ما بين (...) ليس في "أ".
(¬10) (وقد طاف حولها) ليست في "ب" "أ".

الصفحة 509