كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

نوح -عليه السلام-، وحج كثير من الأنبياء، وقد دخل خبر وقد عاد في حيّز التواتر، وتواترت الأخبار ببناء إبراهيم البيت العتيق وقد نزل فيه القرآن.
{وَمَنْ دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} من جملة الآيات البينات لأنه حكم ثبت كضرورة في الجاهلية والإسلام، في المثل: (آمن من حمام مكة وآمن من ظبي بالحرم) (¬1)، وقال ابن عباس: لو وجدت قاتل أبي في الحرم (¬2) لما هجته (¬3)، وعن ابن عمر مثله (¬4)، وعن ابن الزبير: إنما يستنزل سعيد مولى معاوية (¬5) وجماعة من أصحابه كانوا تحصنوا بالطائفة فأدخلهم الحرم (¬6) ثم استفتى ابن عباس فيهم فلم يرخص له في شيء، وقال: هلا (¬7) قبل أن أدخلتهم الحرم؛ فأخرجهم (¬8) ابن الزبير من الحرم ثم صلبهم (¬9). ولسنا نرى الإخراج، ولكن لا يطعم الجاني ولا يسقى ولا يجالس حتى يضطر إلى الخروج فيخرج فيتبع فيقام عليه الحد (¬10).
وأما ما دون القتل وما فعل في الحرم يقام فيه وفرض الحج على الفور خلافًا لمحمد، (استطاع السبيل) وجود الزاد والراحلة والسلامة من العوائق،
¬__________
(¬1) في الأصل: (بالحرام).
(¬2) المثبت من "أ"، وفي البقية: (الحرام).
(¬3) أخرجه ابن جرير في تفسيره (5/ 603)؛ وعبد الرزاق في مصنفه (9225)؛ وذكره الأزرقي في أخبار مكة (1/ 368).
(¬4) أخرجه ابن جرير في تفسيره (5/ 604)؛ وعبد الرزاق في مصنفه (9229)؛ والأزرقي في أخبار مكة (1/ 369) بلفظ: "لو وجدتُ قاتل عمر في الحرم ما هجته".
(¬5) في الأصل: (سعيد أموال).
(¬6) في الأصل: (الحرام).
(¬7) في "ب": (لا).
(¬8) في الأصل: (فأخرجهم من قبل ابن الزبير).
(¬9) روي ذلك عن طاوس، قال: "عابَ ابن عباس على ابن الزبير في رجل أخذ في الحل ثم أدخله الحرم ثم أخرجه إلى الحل فقتله". [أخرجه ابن المنذر (741) ونقله عنه السيوطي في الدر (3/ 683)، وهذه قريبة من القصة التي ذكرها المؤلف].
(¬10) وهذا قول ابن عباس - رضي الله عنهما -، أخرجه ابن جرير في تفسيره (5/ 604)؛ وعبد بن حميد ذكره السيوطي في الدر (6843).

الصفحة 510