كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

الكلمة (¬1)، و (من) للتبعيض (¬2) والأمر فرض على الكفاية إذا قام به البعض وحصل المعروف وزال المنكر سقط الفرض عن الباقين، وقيل: (من) لتخصيص المخاطبين وهي مؤكدة كقوله: {فَاجْتَنِبُوا (¬3) الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ} [الحج: 30].
{وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا} اليهود والنصارى تفرقوا بالعداوة واختلفوا في الديانة بالمنازعة في الأصول وترك الاقتصار على الكلمة السواء التي ارتضاها الله وكان صدر الأمة عليها. {يَوْمَ} نصب على الظرف والمظروف، {الْعَذَابَ} العظيم. و (ابيضاض الوجوه): إسفارها ونضارتها لفراغ القلب وبرد العيش، واسوداد الوجوه: إظلامها بالقتر والذلة، وذلك إذا تزايدت الحسرات وغلا الدم وصار الإنسان كالمخنوق، {أَكَفَرْتُمْ} يقال لهم: أكفرتم وهو في شأن المرتدين عن الإسلام ويجوز في أهل الكتاب لأنهم كانوا مؤمنين بما عندهم من نعت نبينا -عليه السلام- (¬4) إلى أن غيّروا وبدلوا ويحتمل في الكافة لأن (¬5) كل مولود يولد على الفطرة، والذوق إحساس طبيعته بالمس يستعمل في المطعوم والمشروب حقيقة وفي الثواب والعقاب استعارة (¬6)، قال الله تعالى: {فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ} [النحل: 112]، وقال أبو سفيان لحمزة: ذق عقق.
¬__________
(¬1) قرأ العامة "ولتكن" بسكون اللام، وهي قراءة المصحف المشهورة، وقرأ الحسن والزهري والسلمي بكسرها وهو الأصل كما ذكر الجرجاني.
[البحر (3/ 20)].
(¬2) في "ب": (للتبعيض والفرض والأمر).
(¬3) في "ب": (واجتنبوا).
(¬4) (السلام) ليست في "ي".
(¬5) في "ب": (إن) بدون لام.
(¬6) الاستعارة في قوله: {فَذُوقُوا الْعَذَابَ} [آل عِمرَان: 106] حيث شبهه بالمر مما يؤكل، ثم حذف المشبه به وأبقى شيئًا من لوازمه وهو الذوق، ولا يخفى ما فيه من الشعور بالمرارة، وذلك على طريق الاستعارة التبعية المكنية.
[إعراب القرآن وبيانه/ محيي الدين الدرويش" (2/ 17)].

الصفحة 514