كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

{وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْمًا} أي: لا يشاء أن يعاملهم على غير قضية حكمته (¬1) كإخلاف الوعد وكنقض الثواب من غير نسخ والزيادة في العقاب من غير إنذار، {يُرِيدُ} يحبّ، ومعناه: لا يحب منهم (¬2) الظلم فيما بينهم، فاتصالها بما قبلها من حيث ذكر الثواب والعقاب أو من حيث ذكر الوعد والوعيد.
{وَلِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} اتصالها بما قبلها (¬3) لأن الإساءة (¬4) إلى الملوك على الإطلاق لا يكون ظلمًا ما لم يخالف الحكمة (¬5) يدل عليه إحداث الآلام الدنياوية في الحيوان ابتداءً من غير خبر، وعلى المعنى الثاني من حيث ذكر الوعد والوعيد، فأعقب ذكر الملك والاستيلاء ليكون الوعد والوعيد أمكن في قلوب المخاطبين.
{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ} نتظم بقوله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ} [آل عِمرَان: 102] إلى قوله (¬6): {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا} [آل عِمرَان: 105] وما بينهم عارض، وزعم الكلبي: أنه عني بالخطاب ابن مسعود وسالمًا وحذيفة ومعاذ (¬7)، وقال -عليه السلام-: "أنتم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله" (¬8).
¬__________
(¬1) في الأصل: (حكمة).
(¬2) في الأصل: (منه)، وفي "ب": (بينهم).
(¬3) (بماقبلها) ليست في "أ".
(¬4) في "ب": (الإشارة).
(¬5) في "ب" "ي": (للحكمة).
(¬6) (إلى قوله) ليست في "ب".
(¬7) روي أيضًا عن عكرمة قال: نزلت في ابن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وأُبي بن كعب ومعاذ بن جبل.
[أخرجه الطبري في تفسيره (5/ 672)؛ وعزاه السيوطي في الدر المنثور (2/ 63) إلى ابن المنذر].
(¬8) الحديث رواه الترمذي (3001)؛ وابن ماجه (4287)؛ والنسائي في الكبرى (11431)؛ والإمام أحمد (4/ 446 - 447؛ 3/ 553)؛ وفي الفضائل (1710)؛ وعبد بن حميد (409، 411)؛ وابن المبارك في الزهد (382)؛ وفي المسند (601)؛ والدارمي (2760)؛ والروياني (921، 924، 937)؛ والطبراني في الكبير (19/ 419 - 427)؛ وفي الأوسط (1415، 6402)؛ والبيهقي (9/ 5). =

الصفحة 515