كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

{كُنْتُمْ} أي: أنتم، و (كان) زائدة إلا أنه للتأكيد (¬1)، كقوله: {مَنْ كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا} [مريم: 29]، {وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 96] (¬2)، وقيل: تكونتم ووجدتم، وقيل: كنتم في اللوح المحفوظ، {أُخْرِجَتْ} أبرزت وأظهرت من الغيب بتركيب الأرواح والأجساد، وقيل: أخرجت من الكفر إلى الإسلام، {لِلنَّاسِ} أي: أنتم خير الناس للناس وأظهر لتدعوا الناس أو ليراها الناس، والآية دالة على صحة الإجماع، {لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ} أي: لكان الإيمان الموجب للنعمة الأبدية مع الأنبياء والصديقين والشهداء خيرًا من الكفر المقتضي متاعًا قليلًا من الرشى ومواريث الكفار، {مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ} عبد الله بن سلام وأمثاله، {الْفَاسِقُونَ} الكافرون.
{لَنْ يَضُرُّوكُمْ} اتصالها بما قبلها من حيث ذكر أهل الكتاب والحث على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالإخبار عن صرف ضررهم، {إِلَّا أَذًى} لن يبلغ ضررهم لكم إلا مقدار ما تتأذون به من القول المكروه ونقض العناء في استئصالهم، وإما أن يهزموكم أو يقاوموكم أو يستزلوكم
¬__________
= ورواه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 134) ومن طريقه الطبري (1/ 265؛ 4/ 45؛ 24/ 107)؛ وابن أبي حاتم (3967)؛ والرافعي في تاريخ قزوين (2/ 262)؛ وابن عساكر (1/ 115؛ 13/ 82؛ 54/ 261)؛ والدقاق في حديثه (265).
(¬1) في "كان " ستة أوجه إعرابية:
الأول: أنها ناقصة على بابها.
الوجه الثاني: أنها بمعنى "صِرْتُم"، ومجيء "كان" بمعنى صار كثير في كلام العرب،
ومنه قول الشاعر:
بتيهاءَ قَفْر والمَطِيُّ كأنها ... قطا الحَزنِ قد كانت فِراخًا بيوضُهَا
الوجه الثالث: أنها تامة بمعنى وُجِدْتُم.
الوجه الرابع: أنها زائدة، وهذا ما ذهب إليه الجرجاني، والتقدير: أنتم خيرُ أمة، وهذا بعيد جدًا، وقد نقل ابن مالك الاتفاق على أنها لا تزاد.
الوجه الخامس: أنها على بابها، والمراد: كنتم في علم الله، أو كنتم في اللوح المحفوظ.
الوجه السادس: أن هذه الجملة متصلة بقوله: "ففي رحمة الله".
[شرح الكافية الشافية (1/ 411)؛ الكشاف (1/ 44)؛ البحر (3/ 28)؛ الدر المصون (3/ 348)].
(¬2) الآية ليست في "ب".

الصفحة 516