كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

ذات الالتهاب، وإنما شبه نفقتهم بهذا الريح لأنها وضعت شرفهم وهدمت مجدهم وأورثتهم العار في الدنيا والآخرة كما أهلكت الريح الحرث، {قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ} بمعصية الله لا حصدوا زرعهم ولا نالوا ثواب المعصية.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} نزلت في قوم أضافوا اليهود والمنافقين لمودة (¬1) كانت بينهم في الجاهلية (¬2). عن ابن عباس: قدم أبو موسى [على عمر الفاروق وذكر من شأن كاتب نصراني فأنكر عمر ذلك وتلا هذه الآية، قال أبو موسى] (¬3) له دينه ولي كنانته، قال عمر: لا أرفعهم وقد وضعهم الله، ولا أُقرِّبهم وقد أبعدهم الله تعالى، (بطانة) الرجل خاصته من أصحابه الذين يستبطن أمره، {مِنْ دُونِكُمْ} من دون المؤمنين المخلصين، {لَا يَأْلُونَكُمْ} لا يقصرون في أمركم. قال الأزهري: الإلو يكون جهدًا أو يكون بتقصير أو يكون استطاعة (¬4)، {خَبَالًا}، فسادًا (¬5)، {وَدُّوا} حبّوا وتمنوا
¬__________
(¬1) في "ب": (لمود).
(¬2) أخرجه الطبري (5/ 709)؛ وابن إسحاق (30/ 95 , 96)؛ وابن أبي حاتم (1273/ حكمت)؛ وعزاه في الدر (2/ 66) لابن المنذر، وذكره الواحدي في أسباب النزول ص 88.
(¬3) ما بين [...] سقطت من الأصل.
(¬4) انظر تهذيب اللغة للأزهري (15/ 434). والأَلْوُ بزنة "الغَزْو", ومعناه التقصير، ومنه
قول زهير بن أبي سلمى:
سَعَى بعدهم قومٌ لكي يُدْرِكوهُمُ ... فلم يفعلوا ولم يُلِيموا ولم يَأُلُوا
وقال امرؤ القيس:
وما المرءُ ما دَامَتْ حُشَاشةُ نفسِهِ ... بمُدْرِكِ أطرافِ الخطوب ولا آلِ
يقال: آلى يؤلي، فأبدلت الهمزة الثانية ألفًا.
قال الراغب: أَلَوْتُ فلانًا أي: أوليتُه تقصيرًا، فقوله تعالى: {لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا} [آل عِمرَان: 118] أي: لا يقصرون في طلب الخبال، بمعنى: إن هذه البطانة لا تترككم طاقتها خبالًا.
[المفردات للراغب ص 18؛ ديوان زهير ص 114؛ البحر (3/ 33)؛ ديوان امرئ القيس ص 18؛ الطبري (5/ 708)].
(¬5) يطلق الخبل على الفساد، ومنه قوله عليه الصلاة والسلام: "من أصيب بقتل أو خَبْلٍ =

الصفحة 519