كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

وأجابوه بالسمع والطاعة زاد الله في تلك العدة وهذا أصح (¬1)؛ لأنه قال: {مِنْ فَوْرِهِمْ} أي على وجههم وحالهم دون وقت آخر، قيل: كانت جملة الملائكة يومئذٍ ثمانية آلاف لأن (بل) يثبت الثاني يدفع الأول في اللفظ ولا يثبتهما معًا، وقال في "الأنفال": {بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ} [الأنفال: 9] وذلك يكون ألفين وألفان مع ثلاثة آلاف خمسة آلاف، {مُسَوِّمِينَ} قال ابن عباس والحسَن وقتادة ومجاهد والضحاك أنها الصوف في نواصي الخيل وأذنابها (¬2)، وعن ابن عباس: عمايم بيض كانوا يتدلون بين أكتافهم، وقيل: كانت عمايم صفر مثل عمامة الزبير يومئذٍ (¬3)، وقال مجاهد: كانت أذناب خيلهم محزوزة (¬4)، وقيل: كانوا على خيل بُلق (¬5)، فالجمع بين الأقاويل ممكن ما خلا لون العمايم فإنها تخيلت لقوم بلون ولقوم بلون.
{وَمَا جَعَلَهُ اللَّهُ}: الإمداد، وقيل: الوعد المشروط. وإن عظمت
¬__________
(¬1) وهو اختيار الطبري لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للمؤمنين: {أَلَنْ يَكْفِيَكُمْ أَنْ يُمِدَّكُمْ رَبُّكُمْ بِثَلَاثَةِ آلَافٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ} [آل عِمرَان: 124] فوعدهم بثلائة آلاف ثم وعدهم بعدها بخمسة آلاف إن صبروا واتقوا الله.
[الطبري (6/ 28)؛ ابن كثير (1/ 491)].
(¬2) رواه الطبري (6/ 36)؛ وابن أبي حاتم (4112) عن ابن عباس؛ ورواه ابن أبي حاتم (1370) عن مجاهد قال: محذفة أعرافها معلمة نواصيها بالصوف والعهن، ورواه (1372) عن مجاهد قال: معلمين مجززة أذناب خيولهم عليها العهن والصوف. ورواه ابن أبي شيبة (32721)؛ والطبري (6/ 34)؛ وابن المنذر في التفسير (893، 894) عن قتادة.
(¬3) أخرجه الإمام أحمد في الفضائل (1268، 1269؛ 3/ 754)؛ وعبد الرزاق في التفسير وابن أبي شيبة (24753، 32724، 36703)؛ والطبري في التفسير (4/ 83)؛ وابن أبي حاتم (1374)؛ والطبراني في الكبير (518)؛ وابن المنذر في التفسير (896)، وذكره ابن عبد البر في الاستيعاب (2/ 513)؛ وابن إسحاق في السيرة (3/ 282)؛ وابن عساكر (18/ 353 - 354).
(¬4) سبق تخريجه.
(¬5) أخرجه الطبري (6/ 35) عن الربيع، وأخرجه أيضًا عن قتادة، وعزاه السيوطي في الدر (2/ 70) إلى عبد بن حميد، وقد روي من غير هذا الوجه عن غير قتادة والربيع.

الصفحة 525