كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
الصغاير. وقيل) (¬1): الفاحشة: ما يعدو، وظلم النفس: ما لا يعدو، ويحتمل قلبُ هذا، {ذَكَرُوا اللَّهَ} بقلوبهم عند ألوان دامت عليهم بعد الغفلة، {وَمَنْ يَغْفِرُ} استفهام بمعنى التقرير (¬2)، {الذُّنُوبَ} الجرائم التي تكون آثامًا دون ما يمكن الناس مغفرته.
واختلف في أرجى آية، قيل: {لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ} [الزمر: 53]، وقوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى (5)} [الضحى: 5]، وقيل هذه الآية.
{وَلَمْ يُصِرُّوا} لم يعزموا المقام على ما فعلوا بترك نية الإقلاع عنها والتوبة منها، وقال عطاء: إذا أذنب أحدكم فليسرع إلى الرجوع يغفر الله له، {وَهُمْ يَعْلَمُونَ} عالمين أنه معصية، فأما إذا اشتبه عليهم مما يسوغ فيه الاجتهاد فلا عليهم، وقيل: وهم يعلمون أن الله يقدر أن يجعل الذنوب مغفورة، {الْعَامِلِينَ} عاملو الخصال المذكورة من الخيرات.
{سُنَنٌ} واحدها سُنّة: وهو ما وضع من رسم (¬3) ومثال في السيرة،
¬__________
(¬1) ما بين (...) ليست في "أ".
(¬2) الأظهر أن الاستفهام هنا بمعنى النفي أي: ما يغفر الذنوب إلا الله، وهو اختيار الزجاج والسمين الحلبي وابن كثير وغيرهم، ولا مانع من الثاني، وجوَّز ابن جرير الوجهين.
[ابن كثير (1/ 498)؛ معاني القرآن (1/ 469)؛ الدر المصون (3/ 397)؛ ابن جرير (6/ 65)].
(¬3) أي أن "سُنَة" بمعنى الطريقة، ومنه: سنة الأنبياء -عليه السلام- أي: طريقتهم، ومنه قول خالد الهذلي:
فلا تَجْزَعَنْ مِن سُنَّةٍ أَنْتَ سِرْتَهَا ... فأوَّلُ راضٍ سُنَّةً مَنْ يسيرها
وقال المفضل الضبي: السُّنَّة: الأمة، وهو قول ابن جرير، ومنه قول الشاعر:
ما عاينَ الناسُ من فضلٍ كفضلكم ... ولا رُئِيْ مثله في سائر السننِ
وقال الخليل: سَنَّ الشيء بمعنى صَوَّرَهُ.
ومنه قوله تعالى: {مِنْ حَمَإٍ مَسْنُونٍ} [الحجر: 26].
[الطبري (6/ 70)؛ ديوان الهذليين (1/ 57)؛ الخصائص (2/ 212)؛ البحر (3/ 56)].