كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
أحد (¬1) أمَّر عبد الله بن جبير أحد بني عمرو بن عوف (¬2) على خمسين رجلًا من الرماة وأوصاهم أن لا تبرحوا أكانت الحرب لنا أو علينا كيلا تأتينا الخيل من ورائنا، وظاهر بين درعين وجعل ظهره إلى أحد، وتهيأ للقتال (¬3).
ودفع سيفًا إلى أبي دجانة ضمن أن يأخذه بحقه، وتعمم بعمامة حمراء وتبختر بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فقال: "إنها لمشية يبغضها الله تعالى إلا في مثل هذا الموضع" (¬4)، وقاتل أبو دجانة يومئذٍ قتالًا (¬5) شديدًا موفيًا عهده (¬6)، وحميت الرب فقتل علي بن أبي طالب طلحة بن أبي طلحة وهو يحمل لواء قريش (¬7) فخلفه سعد بن أبي طلحة، فرمى سعد بن أبي وقاص فقتله (¬8) فخلفه شافع، فرماه عاصم بن ثابت الأنصاري وقتله، فخلفه الحكم بن الأخنس، ثم عبد الله بن حميد وأبو حذيفة بن حميد وأبو أمية بن حذيفة (¬9)، وأسر أبو عزة الجمحي الشاعر بعد ما من عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬10) يوم بدر فجيء به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (10) فضرب عنقه وقال: "لا تمسح خديك بين الصفا والمروة، وتقول: خدعت محمدًا مرتين" (¬11) وصدق الله وعده عبده وانهزم الكفار، فكان كما قال الله تعالى: {وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللَّهُ وَعْدَهُ} [آل عِمرَان: 152] الآية.
¬__________
(¬1) سيرة ابن هشام (3/ 13).
(¬2) في "ب": (عمرو بن حزام بن عوف)، وهو خطأ.
(¬3) سيرة ابن هشام (133)؛ تاريخ الطبري (2/ 506 - 507)؛ دلائل النبوة للبيهقي (2273).
(¬4) أخرجه الطبري في التاريخ (2/ 511)؛ والبيهقي في الدلائل (2333 - 234) بسند منقطع. ورواه الطبراني في الكبير (6508) بسند فيه مجهول.
وخبر أبي دجانة ذكره ابن حبان في الثقات (1/ 225).
(¬5) في "ب"ي": (قتلًا).
(¬6) سيرة ابنِ هشام (3/ 18).
(¬7) سيرة ابن هشام (3/ 22 - 23)، وعنه ابن كثير في التاريخ (4/ 22).
(¬8) سيرة ابن هشام (3/ 23).
(¬9) ذكر بعض هؤلاء ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (233).
(¬10) (- صلى الله عليه وسلم -) من "ب".
(¬11) سيرة ابن هشام، وذكره الشافعي في الأم (4/ 239)، وعنه البيهقي في السنن (9/ 65)؛ وفي الدلائل (3/ 281).
وانظر تاريخ الطبري (2/ 536)، وكذا ابن كثير (4/ 59).