كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

فلما نظر أصحاب المركز إلى القوم قد انكشفوا أقبلوا يريدون النهب والغنائم وخلوا ظهور المسلمين عارية، فأتوا من ورائهم وصرخ صارخ: ألا إن محمدًا قد قتل، يقال: إنه كان إبليس (¬1)، وصار المسلمون ثلاثة أثلاث: ثلث قتلى، وثلث جرحى، وثلث منهزمون. وكان حمزة يقاتل رجلًا من الكفار فتعرض وحشي وطعنه بحربة في أنثييه فقتله (¬2)، ثم خلصوا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3) فقذفوه بالحجارة فأدمي وجهه وأصيبت رباعيته، وكان زياد بن السكن الأنصاري ممن شرى نفسه لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬4) وفداه بنفسه، وترس أبو دجانة دون رسول الله يقع في ظهره النبل. وقصد عبد الله بن قمئة الليثي قتل رسول الله فدرأ عنه مصعب بن عمير فقتل مصعبًا (¬5) وهو يرى أنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬6)، ورجع إلى أبي سفيان مبشرًا بقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (6)، وأقبل أنس بن النضر عم أنس بن مالك إلى عمر وطلحة وغيرهما من المهاجرين فوجدهم واقفين متحيرين، فقال: ما بالكم؟ قالوا: قتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال: فما تصنعون بالحياة بعده؟ موتوا إكرامًا (¬7) على ما مات عليه (¬8) نبيكم، ثم انحاز إلى القوم فقاتل حتى قتل (¬9)، وأول من عرف رسول الله (¬10) بعد هذا كعب بن مالك قال: عرفت عينيه تحت
¬__________
(¬1) قاله ابن هشام. انظر: السيرة (3/ 28).
(¬2) سيرة ابن هشام (3/ 19 - 20)؛ وانظر خبر قتل حمزة عند البخاري (4072) باب قتل حمزة - رضي الله عنه -.
(¬3) (وسلم) من "ب".
(¬4) (- صلى الله عليه وسلم -) من "ب".
(¬5) سيرة ابن هشام (3/ 22)؛ والطبري في تاريخه (2/ 516)؛ والبيهقي في الدلائل
(3/ 238)، وذكره المؤرخ ابن كثير في تاريخه (4/ 22).
(¬6) (- صلى الله عليه وسلم -) من "ب".
(¬7) (إكرامًا) من "ب"، وفي البقية (كرامًا).
(¬8) (عليه) ليست من "ب".
(¬9) ذكره ابن إسحاق كما في السيرة لابن هشام (3/ 37)، وعنه الطبري في التاريخ (2/ 517)؛ وفي التفسير (4/ 112 - 113)؛ والبيهقي في الدلائل (3/ 245)؛ وابن حبان في الثقات (1/ 228)؛ وابن كثير في التاريخ أيضًا (4/ 39).
(¬10) في "ب": (رسول الله أنه).

الصفحة 534