كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
نجوت، فقالى بعضهم: ألا يعطف عليه رجل؟ فقال -عليه السلام- (¬1): "دعوه" حتى إذا دنا تناول حربة من الحارث بن الصمة ثم عطف عليه وأشار بها إلى عنقه فخدش خدشة، وقد هراء عن فرسه يقول: قتلني محمَّد! وأحاطت به قريش تقول: ما بك بأمر، وهو يقول: بلى، فإن محمدًا كان توعدني أن يقتلني، فلو بزق علي بعد مقالته تلك لقتلني، فكان كما قال ولم يبلغ مكة (¬2).
ولما انتهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬3) فم الشعب استقبلته فاطمة معها قربة من ماء وغسلت الدم عن وجهه، ثم جيء بعلي وعليه نيف وستون جراحة من طعنة ورمية وضربة، فجعل رسول الله يمسحها بإذن الله - صلى الله عليه وسلم - (2) فتلتئم بإذن الله كأن لم تكن، وجيء حمزة وسائر الشهداء فصلى عليهم رسول الله حتى كبر سبعين تكبيرة (¬4)، فلما فرغ رسول الله من صلاته مال نساء المدينة يبكين موتاهن، قال: "أما حمزة لا بواكي عليه (¬5) "، له. فبكت نساء المدينة حمزة أولًا، ثم بكين قتلاهن (¬6) (¬7) وصار ذلك عادة لهن إلى يومنا هذا.
(مداولة الأيام): صرفها وإدارتها (¬8)، {وَلِيَعْلَمَ} عطف على المعنى
¬__________
(¬1) (السلام) ليست في "ي".
(¬2) سيرة ابن هشام (3/ 38 - 39).
وذكره الطبري في تاريخه (2/ 518)، وكذا ابن كثير في البداية والنهاية (4/ 39 - 40) عن ابن إسحاق.
(¬3) (- صلى الله عليه وسلم -) (من "ب".
(¬4) سيرة ابن هشام (553)؛ وعنه ابن كثير في تاريخه (4/ 45).
(¬5) (عليه) من الأصل.
(¬6) في الأصل و"ي": (قتلهن).
(¬7) رواه الإمام أحمد (2/ 40، 84)؛ وابن ماجه (1591)؛ وابن أبي شيبة (12127، 36754)؛ والطحاوي في شرح معاني الآثار (4/ 293)؛ وأبو يعلى (3576، 3610)؛ وابن سعد (3/ 17)؛ والطبراني في الكبير (2944)؛ والحاكم (1/ 537؛ 3/ 215، 217)، وعنه البيهقي في سننه الكبير (4/ 70)، والحديث صحيح ثابت.
(¬8) أصل المداولة: المناوبة على الشيء والمعاودة وتعهد الشيء مرة بعد أخرى، ومنه قوله الشاعر:
يرد المياهَ فلا يزالُ مداولًا ... في الناسِ بين تمثُّلٍ وسَمَاعِ
[شواهد الكشاف (4/ 39)؛ الإملاء (1/ 150)].