كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

(اتباع رضوان الله): اتباع ما يرضاه من الأفعال كالأمانة، والذي باء بسخط من الله هو الغال ونحوه، و (السخط): إرادة الخذلان والشر.
معنى {هُمْ دَرَجَاتٌ} إن المتبعين رضوان الله والذين باؤوا [بغضب من الله] (¬1) بمسخط منه ليسوا في درجة واحدة ولكنهم ذوو درجات ومدارج، وأما أهل الجنة فأمرهم معروف وقد قال -عليه السلام-: "إن أهل الجنة ليتراؤون أهل عليين كما ترون الكوكب الدري في أفق السماء، وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما" (¬2)، وأما أهل النار فإن لهم دركات لا محالة بعضها أسفل من بعض، ولا تكون بعضها أسفل إلا وبعضها أعلى، فالأعلى درجة بمقابله الأسفل.
{لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ} اتصالها بما قبلها من حيث ذكر المتن في قوله: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ} [آل عِمرَان: 159] ووجه المنة ها هنا أنه لو كان من غير العرب لمنعتهم النخوة العربية عن الإيمان به، ولما فهموا كلامه ولا نالوا به شرفًا ومجدًا، فأرسل إليهم رسولًا من أنفسهم عرفوه وامتحنوه وسمّوه أمينًا قبل دعوته ليزيدهم أسباب الإيمان, وإن أجرينا على العموم فهو من أنفسنا لأنه آدمي مثلنا من ذرية نوح تمكننا متابعته في هديه وسمته ولا تنفر عنه طباعنا {وَإِنْ كَانُوا} ما كانوا إلا في ضلالة كقوله: {وَإِنْ نَظُنُّكَ لَمِنَ الْكَاذِبِينَ} [الشعراء: 186] واللام مكان الاستثناء (¬3)، وقيل:
¬__________
(¬1) ما بين [...] من "ب".
(¬2) رواه الترمذي (3608)؛ وابن ماجه (96)؛ والإمام أحمد (3/ 26 - 27، 72، 93، 98)؛ وفي الفضائل (162، 164، 166) وابنه في زوائد الفضائل (168، 212، 568، 569، 646، 650، 667)؛ وعبد بن حميد (887)؛ وابن أبي عاصم في السنة (416)؛ وابن الجعد (2011، 2028)؛ والطبراني في الكبير (2065) والأوسط (7340)؛ والإسماعيلي في المعجم (2/ 602 - 603)؛ وأبو نعيم في الحلية (7/ 250).
(¬3) قوله: اللام مكان الاستثناء. هذا إذا جعلنا إنْ: بمعنى النفي، فيكون التقدير: ما نظنك إلا من الكاذبين. إلا أن الزمخشري ومكيًا جعلاها مخففة وقدرا لها اسمًا محذوفًا، والتقدير: وإن الشأن ... ، وذهب سيبويه إلى أنها مخففة واسمها مضمر، والتقدير: وإنهم كانوا. =

الصفحة 545