كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
وذلك لما أراد المدينة فأتاه أبو سفيان، وقال: إني واعدت محمدًا أن (¬1) نلتقي ببدر الصغرى وليس يتأتى في ذلك الآن، وأكره أن يخرج هو وأصحابه ولا نخرج نحن فيزيده ذلك جرأة (¬2)، فثبِّطه عن الخروج ولك عشرة من الإبل، فقدم نعيم بن مسعود وخوَّف المؤمنين فلم يصغوا إليه (¬3)، {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ}: كافينا الله، أحسبك الشيء: إذا كفاك، وأحسبك فلان: إذا أعطاك حتى قلت: حسبي، و (الوكيل): الذي يوكل الأمر إليه.
{فَانْقَلَبُوا} القصة فيه أنهم لما وفدوا بدر الصغرى سنة أربع من الهجرة أصابوا سوقًا وربحوا ربحًا كثيرًا وكسبوا أجرًا عظيمًا باستجابتهم (¬4).
{لَمْ يَمْسَسْهُمْ} قتال ولا شر. وعن عثمان قال: والله ربحت دينارًا بدينار.
{إِنَّمَا ذَلِكُمُ} إشارة إليه كقوله: {ذَلِكَ الْكِتَابُ} [البقرة: 2] و {الشَّيْطَانُ} كالبيان المشار (¬5) إليه، {يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ} لأن قوله: إنما ينجع في قلوب أوليائه من الكفار والمنافقين دون أولياء الله من المؤمنين، إذ المؤمن لا يخاف غير الله، وقيل: يخوف بأوليائه كقوله: {لِيُنْذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ} [غافر: 15].
{وَلَا يَحْزُنْكَ} نزلت في المنافقين، عن مجاهد وابن إسحاق، وقيل: في رؤساء اليهود (¬6) والذين كتموا بعثة النبي -عليه السلام- (¬7) والنهي مصروف إلى
¬__________
= عن أُحد إلى حمراء الأسد. و"الناس" الثاني: هم أبو سفيان وأصحابه من قريش الذين كانوا معه بأُحُد.
[الطبري (6/ 244)].
(¬1) في الأصل: (الآن).
(¬2) في الأصل: (جمرات).
(¬3) قصة نعيم بن مسعود أوردها مقاتل في تفسيره (2/ 205 - 207).
(¬4) أخرجه الطبري في تفسيره (6/ 250)؛ وابن أبي حاتم (4523) عن مجاهد ابن جريج مرسلًا.
(¬5) في "ب" "ي" "أ": (المشارة).
(¬6) أخرجه ابن جرير (6/ 258)؛ وابن أبي حاتم (4545)؛ وابن المنذر (1206)؛ وعبد بن حميد (2/ 104) عن مجاهد قال: المنافقين. وقد فسَّره الحسن ومجاهد بالكفار.
كما أخرجه ابن أبي حاتم (4543، 4542).
(¬7) (السلام) ليست في "ي".