كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

عن الإنفاق في الجهاد (¬1)، و (البخل): الشح، وضده السخاوة، وفي الحديث: "إن البخل والجبن لا يجتمعان في قلب مومن" (¬2)، {سَيُطَوَّقُونَ} أي: يجعل ذلك طوقًا في أعناقهم، جاء في التفسير أنه يجعل شجاعًا أقرع فيطوق به البخيل الذي يمنع الواجبات (¬3)، و (الميراث): اسم من ورث، كالميزان من وزن.
{لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ} نزلت في فنحاص بن عازور اليهودي من بني قينقاع، وذلك أن أبا بكر الصِّديق - رضي الله عنه - قرأ ذات يوم {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [البقرة: 245] فقال اليهودي على وجه الاستهزاء: لئن كنت صادقًا فإن الله إذًا لفقير (¬4)، فلطم أبو بكر وجهه، فرفعٍ اليهودي ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، وأنكر قول نفسه، فأنزل الله تصديقًا للصدِّيق وتقريعًا لليهودي (¬5)، والآية تدل على أنه لا يجوز أن يوصف الله بما لا يليق به جدًا ولا هزلًا ولا على وجه التشنيع تعظيمًا له، {سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا} في نسخ أعمالهم، و (القتل) معطوف على {مَا قَالُوا} ونقول عند إدخالهم النار أو عند استصراخهم فيها: {ذُوقُوا} {الْحَرِيقِ}: اسم من الإحراق.
¬__________
(¬1) ذكره الحافظ في "الفتح" (8/ 230) في معرض ردِّه على قول الواحدي السابق.
(¬2) جاء في الحديث: "لا يجتمع الشح والإيمان في قلب عبد مؤمن". [رواه النسائي (6/ 13)؛ وفي الكبرى (4319)؛ والإمام أحمد (2/ 441)؛ والبخاري في الأدب (281)؛ وهناد في الزهد (467)؛ وابن أبي شيبة (26608)؛ والطيالسي (2461)؛ ومحمد بن نصر في الصلاة (459، 460)؛ والطبراني في الأوسط (5878)؛ والبيهقي في السنن (1618)؛ وفي شعب الإيمان (10828)].
وفي رواية لابن عدي في الكامل (5/ 1966): "لا يجتمع الإيمان والبخل في قلب رجل مؤمن".
(¬3) رواه البخاري (3/ 268، 230 - الفتح).
(¬4) في الأصل و"ي": (فقير).
(¬5) رواه الطبري (6/ 278)؛ وابن أبي حاتم (4589)؛ والطحاوي في مشكل الآثار (1830) عن ابن عباس - رضي الله عنهما -، وذكره الواحدي في أسباب النزول ص 98، وحسَّنَهُ الحافظ في الفتح (8/ 231).

الصفحة 553