كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

{ذَلِكَ} إشارة إلى كناية قولهم وقتلهم، وإلى القول لهم: {ذُوقُوا} وإنما أسند الفعل إلى اليد لأن أكثر العمل إنما يكون بها، {وَأَنَّ اللَّهَ} بأن الله، وإنما جعله سببًا لأن كناية قتل الأنبياء بغير حق عدل منه، ولو لم يكتب ذلك لكان ظلمًا على الأنبياء - تعالى الله عن ذلك - وإبدال المؤمنين عنهم قد أظلم والله ليس (¬1) بظلام للعبيد فبقوا في النار غير معذبين أو لأنه بتعذيبهم غير ظالم فلذلك يعذبهم، ولو كان تعذيبهم ظلمًا لما عذبهم، ثم وصف العبيد الذين تقدم ذكرهم.
و {الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ عَهِدَ إِلَيْنَا} تأويلًا لقوله - عليه السلام - (¬2): "من جاءكم بكلام ما أتيتكم به فلا تقبلوه" (¬3) فأخطأوا في التأويل ولم يعلموا أن كل ما يقع به الإعجاز شيء واحد فتعلقوا بالصورة، وطالبوا بالكيفية الظاهرة جهلًا، وقيل: إنهم قالوا ذلك اختلاقًا وافتراءً لم يكن عندهم شيء مما يحتمل هذا المعنى بوجه من الوجوه، ألا ترى نقض الله تعالى عليهم علتهم بقوله: {قُلْ قَدْ جَاءَكُمْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِي} وقيل: إن في التوراة: من جاءكم يزعم أنه رسول بني فلان (¬4) فلا تصدقوه حتى يأتيكم بقربان (¬5) تأكله نار منزلة من السماء حتى يأتيكم المسيح وخاتم النبيين فأظهروا بعضًا وكتموا بعضًا فكذبهم الله في ادعائهم التمسك بالعهد.
و (القربان): اسم لما نتقرّب به إلى الله تعالى من المال كالنهبان، وهو مخصوص بالنعم الأهلي في الأحكام، وكان بنو إسرائيل قبل أن
¬__________
(¬1) (ليس) ليست في "أ".
(¬2) (السلام) ليست في "ي".
(¬3) لم أجد لهذا الحديث أصلًا، ويغني عنه قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ...} [الحشر: 7] وقوله تعالى: {اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ...} [الأعراف: 3] والآيات في ذلك كثيرة، كما أن الأحاديث في هذا المعنى كثيرة، منها على سبيل المثال حديث عائشة في الصحيحين مرفوعًا: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".
(¬4) في "ب" "أ": (فلا).
(¬5) في الأصل: (بفرقان)، وهو خطأ.

الصفحة 554