كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

يغير الله عليهم يذبحون القرابين ويضعونها (¬1) في بيت لا سقف له فينزل نار بها صوت فتأكلها إن كانت طيبة متقبلة، وكذلك قربان هابيل (¬2). {فَإِنْ كَذَّبُوكَ} فيه (¬3) تسلية للنبي - عليه السلام -، {وَالزُّبُرِ} جمع زبور، والزبور: كل كتاب ذي حكمة، وزبرت الكتاب إذا أحكمته (¬4)، {الْمُنِيرِ} المبين.
{كُلُّ نَفْسٍ} تسلية للنبي - عليه السلام - أيضًا من حيث إن نعيم الدنيا وبؤسها لا تبقيان، وأن الناس إنما يوفون أجورهم يوم القيامة. فالاعتبار بالحالة الآخرة دون هذه، و (ما) (¬5) في {وَإِنَّمَا} كافة إذ لو كانت بمعنى (الذي) لكان أجورهم بالرفع (¬6) ولكان قوله: {يَوْمَ الْقِيَامَةِ} من الصلة، والصلة لا تنفك عن الموصول كقوله: {إِنَّمَا تُنْذِرُ} [فاطر: 18] و {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ} [فاطر: 28]، و {إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ} [النحل: 92]، و {أُجُورَكُمْ} هو المفعول الثاني و {يَوْمَ} نصب على الظرف، و (الفوز) النجاة، وسمي المهمة مفازة على وجه التفاؤل، إلا كمتاع الغرور وإنما شبهها به لأنه يسرُّ عاجلًا ويسوء آجلًا وكذلك الدنيا، و {مَتَاعُ الْغُرُورِ} كل ما استمتعت به مغرًّا، والغرور قريب من الخداع.
¬__________
(¬1) في الأصل: (ويضعون لها)، وهو خطأ.
(¬2) أخرجه ابن المنذر (1235) عن ابن جريج. وانظر العجاب (2/ 808 - 809).
(¬3) (فيه) من "ب".
(¬4) قال الليث: كل كتاب فهو زَبُور، ومنه قول امرئ القيس:
لمن طَلَلٌ أَبْصَرْتُهُ فشجاني ... كخطٍّ زبورٍ في عسيب يَمَانِ
وتجمع على "زُبُور" بضم الأول والثاني، وتجمع أيضًا على "زُبُر" بضم الأول والثاني.
وقد غلب هذا الاسم على صحف داود - عليه السلام -، قال تعالى: {وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النِّساء: 163].
[تهذيب اللغة (13/ 196)؛ لسان العرب (زبر -6/ 11)].
(¬5) (ما) ليست في "ب".
(¬6) وهذا قول مكي - قاله في المشكل (1/ 171) وعلل ذلك بأنه يلزم منه رفع "أجورَكم" ولم يقرأ به أحد لأنه يصير التقدير: "وإن الذي توفونه أجورُكم" كما إنك تفرق بين الصلة والموصول بخبر الابتداء إذا جعلنا "ما" موصولة.

الصفحة 555