كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

وليس فيها دلالة على نفي وجوب الإيمان قبل السماع لأن (¬1) الله أثنى على الذين سمعوا ولم يذكر (¬2) غيرهم. والسلام بمعنى إلى (¬3) كقوله: {هَدَانَا لِهَذَا} [الأعراف: 43]. وأوحي لها {أَنْءَامِنُوا} ترجمة للنداء، {وَتَوَفَنَا} موافقين للأبرار حاصلين في عدادهم كقوله: {فَأُولَئِكَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ} [النساء: 146].
{رَبَّنَا} تكرار للنداء {وَآتِنَا} عطف على قوله: {فَاغْفِرْ لَنَا}، {عَلَى رُسُلِكَ} على ألسن رسلك أو على نصرة رسلك أو على اتباع رسلك، وهذا يدل على أن خير الآخرة إنما تستحق بوعد الله تعالى لا غير أو العبد لا يستحق ثوابًا إلا بوعد سيده.
والسبب في نزول قوله: {فَاسْتَجَابَ لَهُمْ} أن أم سلمة قالت: يا رسول الله، لم يذكر النساء في شيء من الهجرة وأنا أول من هاجر من النساء (¬4)، {مِنْ} بدل من قوله: {مِنْكُمْ}، وقيل: هو بيان لجنس العاملين (¬5)، {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} مبتدأ وخبر، والمراد به اتفاقهم في صفة
¬__________
(¬1) في الأصل: (لأنه).
(¬2) في الأصل و"ي": (يذكروا).
(¬3) لكن الزمخشري يذهب إلى أنه لا حاجة إلى أن نجعل اللام بمعنى "إلى"، ذلك لأن معنى انتهاء الغاية ومعنى الاختصاص واقعان جميعًا في معنى اللام، فاللام في موضعها.
[الكشاف (1/ 489)].
(¬4) رواه الترمذي (3023)؛ والحميدي في مسنده (301)؛ وسعيد بن منصور (552)؛ والطبراني في الكبير (23/ 294)؛ والطبري في التفسير (5/ 214)؛ والحاكم (2/ 328) عن أم سلمة.
(¬5) قوله تعالى: {مِنْ ذَكَرٍ} [آل عمران: 195] في "مِن" خمسة أوجه إعرابية، ذكر الجرجاني منها وجهين:
الأول: أنها بدل من قوله "منكم"، قال أبو البقاء العكبري: وهو بدل الشيء من الشيء، وهما لعين واحد.
والوجه الثاني: الذي ذكره الجرجاني أن "مِنْ" لبيان الجنس أي: جنس العامل، والتقدير: الذي هو ذكر أو أنثى. =

الصفحة 559