كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

والإنكار {بُهْتَانًا} أي: بهتان وهو أن يدعي الإبراء أو يجحد الوجوب أصلًا، والآية في المدخول بها، ويدلس على جواز المفاداة بالصداق وإن كان مكروهًا.
{وَكَيْفَ} (¬1) أداة التعجب، وهي هاهنا بمعنى النهي والإنكار و (الإفضاء إليها): الوصول إليها في الخلوة سواء وجد الجماع أم لم يوجد عند الزجاج والفراء (¬2)، وعن ابن عباس أنه الجماع (¬3)، فعلى القول الأول الخلوة أوجبت كمال المهر بالآية، وعلى القول الثاني أوجبت بقضاء الخلفاء الراشدين، و (الميثاق الغليظ) هو العقد والإشهاد. وقال الزهري: كان يقال للناكح: لله عليك أن تمسكها أو تسرحها بإحسان (¬4)، وفي الحديث: "أخذتموهن بأمانة الله واسثحللتم فروجهن بكلمة الله" (¬5) فهذا كله في الميثاق الغليظ.
{وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} تحريم موطوءة الأب ومنكوحته عن ابن عباس وعكرمة وقتادة (¬6)، وفي قوله: {إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ} أربعة أقوال: استثناء متصلًا، كأنه قيل: أنتم منهيون عن نكاحهن وذلك موهم للماضي
¬__________
(¬1) في الأصل: (من) وهو خطأ.
(¬2) ذكره الزجاج في معاني القرآن (2/ 31)، والفراء في معاني القرآن (1/ 259)، وذكر ابن الجوزي النسخ وذكر أن ابن جرير ردّ هذا القول وعلله بأن الحد حق الله والافتداء حق للزوج وليس أحدهما مبطلًا للآخر. انظر زاد المسير (2/ 41).
(¬3) ابن جرير (6/ 541)، وابن المنذر (1514)، وابن أبي حاتم (6/ 506).
(¬4) عن الزهري لم أجده، ولكنه ورد عن قتادة كما عند عبد الرزاق في تفسيره (1/ 152)، وابن جرير (6/ 543).
وقريبًا منه عن ابن عمر كما عند ابن أبي شيبة (4/ 142، 143)، وابن المنذر (1518)، وعن أنس كما عند ابن أبي شيبة (4/ 142).
(¬5) أخرجه مسلم (1218) في حديث خطبة حجة الوداع المشهورة عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - مرفوعًا.
(¬6) أما عن ابن عباس فرواه ابن جرير (6/ 550)، وابن أبي حاتم (5074)، وابن المنذر (1526)، والبيهقي في السنن (7/ 161).
وأما عن عكرمة وقتادة فلم أجده.

الصفحة 582