كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)

الكتابيات حرائِرهن وإمائِهن، لا في قصر الإباحة على المؤمنات، و (الطول) الفضل والغنى منصوب على التفسير (¬1) للاستطاعة المنفية، وعن إبراهيم النخعي أن المراد به الهوى (¬2)، والتقدير: من لم يكن عنده قصد ورأي وحزم لمصَائر الهوى وبصبر عن الإماء {أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ} الحرائِر {فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ} فليتزوج مما ملكت أيمانكم من الإماء {مِنْ فَتَيَاتِكُمُ} إمائكم المؤمنات، والفتاة: الشابة في اللغة، وقال - عليه السلام -: "لا يقولنَّ أحدكم عبدي وأمتي بل يقول فتاي وفتاتي أو غلامي وجاريتي فإنكم كلكم عبيد والرب واحد" (¬3). وعدم الطول ليس بشرط في جواز نكاح الإماء المؤمنات ولكنه مندوب إليه بقول علي - رضي الله عنه -: "إذا تزوج الحرة على الأمة قسم للأمة الثلث وللحرة الثلثين" (¬4). وقال جابر بن عبد الله: "لا تنكح الأمة على الحرة وتنكح الحرة على الأمة والله أعلم" (¬5).
{بِإِيمَانِكُمْ} يريد الأخذ بالظاهر وكون الحقيقة إلى الله تعالى {بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} أي: الأحرار والعبيد والحرائر والإماء، بعضهم من بعض في باب الإِسلام والشريعة والموالاة {فَانْكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ} يفيد وقوف العبد على إجازة المولى بخلاف العقد على الحرائر {مُحْصَنَاتٍ} مزوجات
¬__________
(¬1) في نصب "طولًا" ثلاثة أوجه إعرابية:
الوجه الأول: أنه مفعول به لـ "يستطع" وهذا الذي رجحه السمين الحلبي في تفسيره.
والوجه الثاني: أن يكون مفعولًا له على حذف مضاف والتقدير: ومن لم يستطع منكم لعدم طول نكاح المحصنات.
والوجه الثالث: أن يكون منصوبًا على المصدر وهذا اختيار ابن عطية ويكون العامل فيه الاستطاعة لأنهما بمعنى.
[الدر المصون (3/ 653)، المحرر (4/ 83)].
(¬2) ذكره عن إبراهيم النخعي القرطبي (3/ 137)، وهو مروي عن جابر بن عبد الله كما في الطبري (6/ 593، 594)، وابن المنذر (1609)، ورواه ابن أبي حاتم (5140) عن ربيعة.
(¬3) أصل الحديث في صحيح البخاري (2414)، ومسلم (2249) من حديث أبي هريرة مرفوعًا.
(¬4) الدارقطني (3/ 285)، وسعيد بن منصور في سننه.
(¬5) عبد الرزاق في مصنفه (13089).

الصفحة 585