كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
أو عفائف {غَيْرَ مُسَافِحَاتٍ} زانيات {وَلَا مُتَّخِذَاتِ أَخْدَانٍ} أخلاء، وإنما ذكره لأنّ من العرب من لا يعد السر سفاحًا {أُحْصِنَّ} بفتح الهمزة: أسلمن، عن ابن مسعود وزر والشعبي (¬1)، وهو يحتمل التزوج أيضًا، وبضم الهمزة (¬2) إذا تزوجن عن ابن عباس ومجاهد (¬3)، وهو يحتمل أدخلن في الإسلام. {فَإِنْ أَتَيْنَ بِفَاحِشَةٍ} زنين {فَعَلَيْهِنَّ نِصْفُ مَا عَلَى الْمُحْصَنَاتِ} الحرائر من الجلد، وحكم جلد العبد مستفاد من فحوى الآية وثبت بالإجماع. {ذَلِكَ} أي: الندب إلى نكاح الإماء والتنبيه عليه {لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ} الإثم والضرر في دينه ودنياه من العزوبة أو الهوى (¬4) {وَأَنْ تَصْبِرُوا} قيل: الصبر من الكل {خَيْرٌ لَكُمْ} وقيل: الصبر عن العنت {خَيْرٌ لَكُمْ} وقيل: عن نكاح الإماء {خَيْرٌ لَكُمْ} فإن قيل: كيف ندب إلى ما الصبر عنه خير؟ قلنا: إن فعله خير من وجه وهو أن فيه مندوحة عن الزنا، والصبر عنه خير وهو أن لا يعرض أولاده للرق.
{يُرِيدُ اللَّهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ} اللام بمعنى "أن" عند الفراء والكسائي (¬5)،
¬__________
(¬1) أما عن ابن مسعود فمروي عدة روايات رواها عبد الرزاق في مصنفه (13604)، وابن جرير (6/ 609)، وابن المنذر (1621)، والطبراني في الكبير (9691).
وأما عن زر فلم أجده.
وأما عن الشعبي فرواه الطبري (6/ 610)، والبيهقي (8/ 243).
(¬2) القراءتان صحيحتان الضم (أُحْصِنَّ) والفتح (أَحْصَنَّ) ولذا قال ابن جرير (6/ 605) أنهما قراءتان معروفتان مستفيضتان في أمصار الإسلام.
(¬3) أما عن ابن عباس فرواه ابن أبي شيبة (4/ 394)، وابن جرير (6/ 611). وأما عن مجاهد فذكره ابن أبي حاتم (5158) بدون سند.
(¬4) عامة المفسرين ذهبوا إلى أن "العنت" هو الزنا كابن عباس - رضي الله عنهما - ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وغيرهم ولا مانع من تفسيرها بالإثم؛ لأن الزنا من أعظم الإثم أو الضرر في الدين والدنيا بسبب العزوبة فهو من باب تفسير التنوع لأن تلك المعاني كلها كما قال ابن جرير الطبري هي جميع معاني العنت، ولذا أطلقها الله ولم يحددها فقال: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25].
[الطبري (6/ 616)].
(¬5) ذكره الفراء في معاني القرآن وقال: العرب تجعل اللام التي على معنى كي في موضع أن في أردت وأمرت. قال تعالى: {وَأُمِرْنَا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [الأنعام: 71] =