كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
والاعتداء. ولو بقيت الكبائر لخصها الناس بالاجتناب وارتكبوا سائر المناهي اتكالًا على هذه الشريطة، ولو ارتكبوا لبطل التفاضل بالورع (¬1).
{وَلَا تَتَمَنَّوْا} نزلت في أم سلمة قالت: الجهاد كتب علينا فنصيب من الثواب ما يصيبه الرجال (¬2)، عن مجاهد، وقيل: تمنى الرجال أن يزادوا في ثواب الآخرة كما زيدوا في الميراث في الدنيا (¬3)، وقيل: حسد الناس بعضهم بعضًا فنهوا عن ذلك. {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ} أي: لكل واحد [من الفريقين نصيب من قضية ما كسبوا من أجل كسبه، ويحتمل أن معناه لكل واحد] (¬4) من الفريقين حظ في الدنيا إذ جميع كسب الإنسان ربما لا يكون رزقًا وإنما يجمع لغيره {وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِنْ فَضْلِهِ} إبدال عن المنهي عنه، أي: سلوا من فضله مكان ما كنتم تمنون، وقيل في الزبور: يا ابن آدم لا تقل: اللَّهم ارزقني مال فلان، ولكن قل: اللَّهم ارزقني مثل مال فلان {عَلِيمًا} أخبر عن معلومة من أنصباء الرجال والنساء.
تقدير الآية: ولكلِّ شيء مما (¬5) ترك الوالدان والأقربون {وَالَّذِينَ
¬__________
(¬1) ذكر العلماء في حد الكبيرة عدة تعاريف. ذكر الحافظ ابن حجر في فتح الباري جملة من هذه التعاريف منها قول الرافعي: "هي الموجبة للحد"، وقول البغوي: "هي ما يلحق الوعيد بصاحبه بنص كتاب أو سنة".
وقول العز بن عبد السلام: "كل ذنب قُرنَ به وعيد أو لعن". ثم قال الحافظ ابن حجر: ومن أحسن التعاريف قول القرطبي: كل ذنب أطلق عليه بنص كتاب أو سنة أو إجماع أنه كبيرة أو أخبر فيه بشدة العقاب، أو علق عليه الحد أو شدد النكير عليه فهو كبيرة.
[فتح الباري (12/ 183)].
(¬2) رواه عبد الرزاق في تفسيره (1/ 156)، وسعيد بن منصور (624 - تفسير)، والترمذي (3022)، وابن جرير (6/ 664)، وابن المنذر (1677)، وابن أبي حاتم (5224، 5225)، والحاكم (2/ 305، 306)، والبيهقي (9/ 21) وهو صحيح عن أم سلمة مرفوعًا قالت: يا رسول الله لا نُعْطَى الميراث ولا نغزو في سبيل الله؟! فنزلت {وَلَا تَتَمَنَّوْا ...} الآية.
(¬3) رواه الطبري (6/ 664) وهو مروي عن قتادة كما عند ابن جرير (6/ 667، 668).
(¬4) ما بين [...] سقط من "ب".
(¬5) في "أ" والأصل: (ما).