كتاب درج الدرر في تفسير الآي والسور ط الحكمة (اسم الجزء: 2)
يقولون: {شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا} [الأنعام: 130] عن ابن مسعود أن النبي - عليه السلام - (¬1) قال له: "اقرأ" قال: عليك أقرأ يا رسول الله وعليك أُنزل؟! قال: "إني أحب أن أسمعه من غيري" فقرأ سورة "النساء"، فلما انتهى إلى هذه الآية دمعت عينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (¬2) (¬3)، وفي بعض الروايات قال: "اللَّهم هذا علمي بمن أنا بين ظهرانيهم فكيف بمن لم يرنِ" (¬4).
{يَوْمَئِذٍ} ظرفان من الزمان أضيف أحدهما إلى الآخر فصارا زمانًا معرّفًا فكأنك تقول: يوم إذ يكون كذا، فلذلك تعرف وصَار حكمه حكم الفعل وهذا على قول من يعرب اليوم من {يَوْمَئِذٍ} وأما من لم يعربه فيقولون: هذان اسمان جعلا اسمًا واحدًا بني على صيغة واحدة لزمان معين {وَلَا يَكْتُمُونَ اللَّهَ حَدِيثًا} واو استئناف، أي: لا ينكتم شيء مما (¬5) يتحدثون فيما بينهم أو تحدث به أنفسهم.
{لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ} موضع الصلاة وهو (¬6) المسجد- دون الدعاء والصلاة - المعهود؛ لأنه قال: {إِلَّا (¬7) عَابِرِي سَبِيلٍ} والعبور لا يتصور إلا في المسجد؛ فإن قيل عن أبي عبد الرحمن السلمي: إن عليًا وعبد الرحمن بن عوف كانا في دعوة رجل من الأنصار وأصابوا من الخمر وقدموا عليًا في صلاة المغرب وقرأ {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ (1)} [الكافرون: 1] على غير ما أنزلت فنزلت الآية (¬8)، قلنا: اعتبار عبور السبيل الذي نطق به الكتاب أولى
¬__________
(¬1) في "ب": (- صلى الله عليه وسلم -).
(¬2) البخاري (4582، 5050، 5055).
(¬3) (- صلى الله عليه وسلم -) من "ب".
(¬4) الطبراني في الكبير (19/ 221) (492) وفيه عبد الرحمن بن لبيبة لم أعرفه كما قال
الهيثمي في المجمع (7/ 5). وأخرجه الطبري في تفسيره بدون الزيادة (7/ 40).
(¬5) (مما) من "ب"، أما في البقية: (ما).
(¬6) في "ي" والأصل: (وهي).
(¬7) (إلا) ليست في "أ".
(¬8) أخرجه أبو داود (3671)، والترمذي (3026)، وابن جرير (7/ 46)، وابن أبي حاتم (5352)، وابن المنذر (1798)، والحاكم (2/ 307)، والنحاس في ناسخه (338) والحديث صحيح.